جاء المؤتمر الذى عقده وزير الثقافة د. محمد صابر عرب، أمس الأول «الثلاثاء» مكملا لمشهد الفشل الإعلامى المصرى فى هذه الفترة الصعبة، فلعل الوزير تصور أنه يكفيه أن يقدم فيلما فى بداية المؤتمر فى نهايته عبارة مكتوبة باللغة الإنجليزية ترجمتها «الإخوان المسلمين منظمة إرهابية» ليصبح المؤتمر عالميا «يامينز»، فكرنى بالست الطيبة التى أرادت أن تخدع النمل فكتبت على برطمان السكر ملح. ياريتك ما نظمته يا دكتور، أعتذرعن استخدام كلمة تنظيم المكلمة المسماة بالمؤتمر كانت بعيدة عن أى تنظيم، وفكرتنى بمؤتمرات مرشحى الأحزاب فى الساحات الشعبية، مجرد إثبات وجود وتأكيد على أننا نعمل لخدمة القضية، الفيلم الذى قدمه وزير الثقافة بجلالة قدره هو قص ولزق لبعض مشاهد العنف الإخوانى الذى يكتظ بها موقع يوتيوب، لا يوجد به لمحة فكر أو إبداع، فيلم كسيح يعرض فى حضرة الفنانين والمثقفين، ومراسلى الصحف والبعثات الدبلوماسية الأجنبية كما قيل، المتحدثون د.عمر الشوبكى، أحمد عبدالمعطى حجازى، د.أحمد شيحة، وثروت الخرباوى لم يضيف أى منهم جديدا لما سبق وقاله أو كتبه، الوحيدة التى أضافت جديدا هى إلهام شاهين، التى حكت تجربتها الشخصية مع الشيخ عبدالله بدر وأنهت كلمتها بضربة معلم حين قالت إنها كانت الشرارة التى فجرت الغضب الشعبى على مرسى والإخوان والذى كلل بثورة 30 يونيو.
وزير الثقافة كان يمكن أن يقدم أفضل من ذلك، فعلى مدى سنوات طويلة تدعم وزارته المهرجانات السينمائية المصرية وتقيم معرض القاهرة الدولى للكتاب، وفى هذه المناسبات تتم دعوة نجوم وكتاب ومثقفين من العديد من دول العالم، كان المفروض أن تستضيف الوزارة بعضا منهم وتشرح لهم حقيقة ما يحدث فى مصر وأن يكون هؤلاء هم المتحدثون فى هذا المؤتمر، أمثال هؤلاء النجوم تتبعهم وسائل الإعلام العالمية أينما ذهبوا ودون أى جهد منا، ولعل زيارة ساركوزى وكارلا برونى للأقصر فى ديسمبر 2007 أكبر دليل على ذلك.
ولكن للأسف فوزارة الثقافة مثلها مثل إعلامنا، تكلم نفسها. الأعلام فى هذه الفترة منكفئ على نفسه لاينظر إلا لصورته فى المرآة متصورا أنه يخاطب العالم بهذه الصورة، يكفيه أن يقسم أننا على حق ليصدقه الآخر. أعلم أنه لا يوجد على وجه كوكبنا إعلام محايد تماما ولكن يوجد إعلام متوازن يتصف بالمهنية ويعرف أن هناك فرقا كبيرا بين الخبر والتعليق عليه، مثل هذا الإعلام يكتسب مصداقية وثقة متابعيه، أما إعلامنا فلم يعد لديه سوى سرير بروكست يريد للجميع أن يضبطوا أنفسهم على مقاسه وإلا الويل لهم، تليفزيون الدولة والقنوات الخاصة تحول لإعلام سنوات الأبيض والأسود.
أظن أن الكثيرين يفعلون ذلك عن سذاجة وغفلة، فهم يتصورون أنهم بهذه الطريقة يقفون وراء الجيش والشرطة، ويدافعون عن مؤسسات الدولة أمام هجمات الإخوان الإرهابية من جهة وبعض المواقف الدولية المضادة لثورة 30 يونيو من جهة أخرى، ولا يدرك هؤلاء أن مشاهديهم لا يحتاجون للتأكيد على ماهم متأكدين منه، ولكنهم يحتاجون لأن تكون هذه الوسائل الإعلامية (صحف وتليفزيون وراديو) نافذتهم على العالم، محتاجون لفتح الآفاق والتحليق فى سماء الغد فيكفينا زحف على أرض الواقع.