منذ عشر سنوات، كتبت فى أحد مقالاتى «حكم الكفرة» أفضل من حكم مبارك، وطوال حياتى لم أتناول فى مقالاتى أو كتبى العديدة كلمة ثناء واحدة فى حق المخلوع. وبعد أن شاهدت حكم الإخوان، وأنا أحد دارسى العلوم السياسية، أقول بكل قناعة حكم الكفرة أفضل من حكم الإخوان. ما نشاهده اليوم من ترويع الآمنين، وحرق للمنشآت العامة، وحرق الكنائس، وقطع الطرق، والتحريض على الإرهاب، ومحاولات الوقيعة بين أبناء الجيش..إلخ، كلها أمور نتجت عن تصحيح مسار الثورة التى اختطفها الإخوان من الشباب فى 28 يناير 2011، بعد المآسى التى شهدتها مصر تحت حكم الرئيس المعزول مرسى، دون نقد ذاتى علنى من قبل أى شخص ينتمى لجماعة الإخوان.
بعد كل ما سبق يتردد الكثيرون الآن فى طرح الأسئلة التالية: -
- هل أخطأنا فى حق الرئيس المخلوع حسنى مبارك؟
- هل يستحق شعبنا الديمقراطية فى الوقت الراهن، بعد أن أدت ثورة 28 يناير إلى خلط متعمد بين الفوضى والحرية؟
- هل من الجائز أن ننتقد الدولة العميقة، ثم يكون البديل الدولة الرخوة؟
- هل صدق أم كذب مبارك عندما قال أنا أو الفوضى؟
- هل هناك جرائم ارتكبها مبارك فى حق شعبه سوى التوريث والفساد الكبير؟ وما هى النواكب التى أتى بها حكم مرسى لمصر؟
- هل أخطأ أم أصاب مبارك بحظر إنشاء أحزاب وكيانات تنظيمية على أساس المرجعيات الدينية؟
- هل أخطأ مبارك أم أصاب فى التعامل مع بعض البلدان والحركات العربية الفسيفسائية التى تبيع مصر الآن إرضاء للإخوان؟
- ألا تعد عودة جهاز مكافحة النشاط الدينى بقطاع الأمن الوطنى حنينا لدولة مبارك واعترافا بنجاحها فى مواجهة الإرهاب المتستر بالدين؟
- هل عودة الحكم بالطوارئ هى بمثابة إقرار بنجاح مبارك فى التحكم فى مفاصل الدولة المصرية، ولولا التوريث والفساد لبقى حكمه بيننا إلى اليوم؟
- هل نوافق أم مازلنا ننتقد تعامل مبارك مع الجماعة الإسلامية بعد أن نفى بعض قادتها منذ أيام المراجعات الفكرية؟
كل الأسئلة السابقة يدمى القلب بطرحها، وآمل أن تكون الإجابة عن جُلِّها بعدم العودة لحكم وسياسات المخلوع، لكن الوقائع على الأرض ربما تجعل المرء، وبلاده تمر بأسود أيام حياته معها، يطرح تلك الأسئلة فى العلن، بعد أن داعبت خلج الكثيرين، وكان يتألم ويكتم سريرته حتى لا تظهر علنًا، حتى لو كان يحدّث بها نفسه؟ ليتنى مِت قبل طرح تلك الأسئلة فى العلن.