أقل من 72 ساعة، كانت ملخص قصة انتشار فيديو لعمليات تعذيب وحشي، وإهانة 23 مصرياً من العمال في ليبيا على يد ميليشيا مسلحة، وحتى وصولهم إلى مصر بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي.
بدأت القصة في ساعة متأخرة من مساء يوم الاثنين، حين أظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد صادمة لعمليات تعذيب وحشي وإهانة تعرّض لها عمال مصريون في ليبيا، بعد اعتقالهم من قبل ميليشيا مسلحة تابعة لقوات ما يعرف بـ«بركان الغضب» المنضوية تحت لواء قوات حكومة الوفاق.
ووثق الفيديو عمليات إذلال متعمد للعمال المصريين، إذ أجبرتهم عناصر الميليشيا المسلحة على الوقوف بأوضاع مهينة، وحملتهم على ترديد عبارات مسيئة للرئيس عبدالفتاح السيسي والمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، وأخرى مؤيدة لقوات «بركان الغضب».
وبعد ساعات من انتشار الفيديو، صباح الثلاثاء، أجرى المسؤولون في القاهرة اتصالات رفيعة المستوى لكشف ملابسات الواقعة والإفراج الفوري عن العمالة المعتقلة في الغرب الليبي، تبعها صدور بيان عن متحدث الجيش الوطني، وبيان آخر عن وزارة الداخلية في حكومة الوفاق.
وأعلنت الحكومة المصرية، أن واقعة الاعتداء على العمال المصريين «لن تمر مرور الكرام»، وقالت السفيرة نبيلة مكرم عبيد وزير الهجرة المصرية، ردا على طلبات إحاطة في البرلمان المصري بخصوص الواقعة، إن مصر لن تصمت على أي تجاوزات أو اعتداءات على عمالها في الخارج وستتخذ موقفا عمليا للرد، مضيفه أنه أثناء الأزمات تزداد شراسة الحرب الموجهة ضد مصر من جانب بعض المتربصين الذين يحاولون الإساءة وإشعال الفتنة بينها وأشقائها.
صباح الأربعاء، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الليبية، القبض على المتورطين في واقعة الإساءة، وأضافت أن الأجهزة الأمنية هناك إنها تمكنت أيضا من «كشف هوية المتورطين في هذه الواقعة، وإلقاء القبض عليهم، ومباشرة إجراءات الاستدلال معهم بالخصوص، تحضيرا لإحالتهم لمكتب النائب العام».
ولفت البيان إلى أنه «تم التعرف على العمالة المصريين المجني عليهم في هذه الجريمة وعلى هوياتهم، وهم جميعا بخير ويتمتعون بحريتهم دون أي قيد، ويمارسون أعمالهم بشكل طبيعي».
وأكد أنه «سيتم الاستماع لأقوالهم بشأن ما تعرضوا له من إساءات تنتهك حقوقهم، وتخالف القوانين والأعراف والأخلاق، وضمان كامل حقوقهم القانونية بالخصوص».
في وقت متأخر من مساء الأربعاء، كلف الرئيس عبدالفتاح السيسي أجهزة الدولة بإنهاء أزمة المصريين المحتجزين في ليبيا، بحسب قناة «إكسترا نيوز»، وذكرت القناة وجود اتصالات مكثقة بين الجانبين المصري والليبي لإنهاء عودة المصريين .
صباح الخميس، وصل إلى منفذ السلوم البري على الحدود المصرية الليبية، الـ 23 مصريًا الذين كانوا محتجزين من قبل إحدى المليشيات بمدينة ترهونة في لبيبا، وكان في استقبالهم أمام بوابة المنفذ الرئيسية، محافظ مطروح، اللواء خالد شعيب، والأجهزة المصرية المعنية.
كشف اللواء شعيب، تفاصيل عودة المصريين، وقال لقناة «صدى البلد»، الخميس: «أبناءنا وصلوا إلى منفذ السلوم، وهما معايا دلوقتي وهنروح نتعشى وبعدين الأتوبيس هيوصلهم لبني سويف»، و أضاف أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه جميع الأجهزة المعنية بتشكيل خلية لإدارة الأزمة وتحرير أبنائنا وإعادتهم إلى أرض الوطن.
تابع: «كل الأجهزة لم يغمض لها جفن على مدار الـ72 ساعة الماضية، والرئيس قال إن كل الخيارات متاحة لإعادة أبنائنا من ليبيا، وكان أولها الخيار الدبلوماسي»، وأشار محافظ مطروح إلى التواصل مع حكومة الوفاق من أجل تحرير أبنائنا وإعادتهم لأرض الوطن، موجهًا الشكر لحكومة الوفاق والجيش الوطني على تعاونهما.
ووجه المصريون المحتجزين فور وصولهم الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي والأجهزة المصرية على سرعة التدخل وإعادتهم آمين إلى أرض الوطن، وقال أحد العائدين: «مكانش في أمل نرجع ونشوف ولادنا تاني، كنا وسط عصابات وطلعنا من وسط الموت، وكنا على يقين إن مصر مبتسيبش ولادها يضيعوا».
أضاف: «كنا على يقين إن مصر مبتسيبش ولادها يضيعوا، وإن الرئيس عمره ما هيسيبنا، والسرعة بهرتنا، والحمد لله ونشكر الرئيس على إعادتنا لأرض الوطن»، وقال آخر: «الحمد لله على رجوعنا، مكناش متوقعين نرجع بالسرعة دي، ونشكر الرئيس السيسي»، وقال ثالث: «مبسوط جدًا ومكنتش متخيل نرجع بالسرعة دي».
بينما قال محمود جمال، نجل أحد العائدين من ليبيا، إنه سعيد بعودة والده إلى أرض الوطن بعد الخطف على يد ميلشيات مسلحة، وأضاف: «ما حدث مع والدي والـ22 الآخرين هو انتصار للكرامة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أثلج صدورنا بتوجيهات للأجهزة وإعادة المصريين، ولم تمر ساعات قليلة حتى عادوا لأحضان الوطن».
تابع لـ«المصري اليوم»: «أغلب الـ23 العائدين كانوا يعملون في المعمار، ووالدي كان يعمل بالخرسانة منذ أكثر من 3 سنوات، من أجل لقمة العيش وتوفير نفقات الأسرة».
مضى قائلًا: «تلقينا خبر احتجاز والدي والـ22 الآخرين من التلفزيون، وعلمنا بعودتهم من التلفاز أيضًا، وكان الخبر الذي أثلج صدورنا جميعا، وعمت الفرحة في القرية».