«زهرة»، فتاة ثلاثينية، تحمل الجنسية الإريترية، أم لأربعة أبناء، دخلت مصر قبل 3 أعوام، وتقيم فى منطقة فيصل بالجيزة كطالبة لجوء، تعمل إدارية فى إحدى المدارس المعنية بتقديم خدمات تعليمية للاجئين، توقف فيها عملها خلال هذه الفترة، ضمن إجراءات الحظر وإغلاق المدارس، التى اتخذها مجلس الوزراء ضمن حزمة الإجراءات الاحترازية لمنع تفشى فيروس كورونا، فقررت أن تؤسس عملا آخر تطوعيا لخدمة مجتمع اللاجئين.
وتزامن مع انتشار الجائحة، فى فبراير الماضى، أن فقدت بعض الأسر مصادر دخلها، ما تسبب فى تعثر بعضها فى تلبية احتياجاتهم الأساسية حتى الطعام. من هنا جاءت فكرة حملة «الطمأنينة»، التى أطلقها عدد من طلاب المرحلة الثانوية من طلاب المدرسة التى تعمل بها «زهرة»، لتقرر أن تتبنى الحملة وتعمل معهم، ضمن فريق للتواصل مع الأسر المحتاجة، منطلقة مع أول أيام شهر رمضان الماضى لتوزيع الطعام على الأسر، فى إطار حملة لـ«إفطار صائم».
وقالت «زهرة»: «تربينا جميعا على إفطار الصائم.. وأردنا تكرار هذا الأمر هنا»، مضيفة أن فكرة الحملة جاءت من مجموعة من طلاب الثانوى بالمدرسة التى تعمل بها مساعدًا إداريًا، موضحة: «نشأت رابطة قوية بينى وبين الطلاب، لذلك عندما اقترحوا الفكرة، رحبت بها كثيرا، ووافقت على توجيههم».
وأضافت: «كانت البداية بتوزيع المواد الغذائية الأساسية على الأسر المحتاجة من اللاجئين وطالبى اللجوء المقيمين فى منطقتى فيصل وأرض اللواء»، مؤكدة أن لكل واحد دورا فى المبادرة، موضحة: «البعض تولى مسؤولية إنشاء وإدارة صفحة الفيس بوك، واستخدم البعض الآخر مهارات التصوير بالفيديو لتوثيق العمل، فيما جمع آخرون التبرعات، ليتولى فريق آخر تعبئة الأكياس وتعقيمها قبل التسليم».
أثناء الزيارات الميدانية للأسر، والتى تراعى فيها «زهرة» وفريقها إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، كما تراعى التباعد الاجتماعى، لاحظت هى وفريقها تردى الحالة المادية والاجتماعية لعدد من الأسر بسبب فقدانهم مصدر الدخل سواء وظائفهم أو المساعدات المادية لهم، ما اضطر بعضهم إلى بيع ما لديه فى المنزل لتوفير الاحتياجات الأساسية، فمنهم من باعوا الأجهزة المنزلية والأثاث لتوفير الطعام، ومنهم من لديهم أمراض مزمنة ولا توجد لديهم ثلاجة لحفظ الدواء، ومنهم من ليس لديهم طعام، ويعتمدون على الخبز فقط.وتابعت: «قابلت الكثير من الأمهات الوحيدات اللاتى عملن مساعدات فى المنازل، ولكن تم تسريحهن بعد انتشار فيروس كورونا، ومع كون كل منهن العائل الوحيد لأطفالها، فإنهن يكافحن الآن لتغطية احتياجاتهن الأساسية».
هذه الاحتياجات هى التى دفعت فريق حملة «الطمأنينة» إلى توسيع مدى المساعدات، التى لا تتوقف عند إفطار صائم فى رمضان فقط، بل سعت لتوفير بعض الحاجات الأساسية للأسر المحتاجة وتقديم الخدمات حسب الإمكانيات المتاحة لهم.
وواجهت الحملة أزمة التمويل، فلم يكن لديها ما يكفى لتلبية احتياجات الأسر، فكان الحل، حسب «زهرة»، طلب المساعدات من أهل الخير، ونظرا لإجراءات التباعد الاجتماعى وحظر التجوال، ما تسبب فى توقف عدد من الجمعيات ومصادر المساعدة، كان الحل هو اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعى، وذلك من خلال تصوير الحالات المحتاجة ونشر الفيديو على مواقع التواصل وطلب المساعدات، وتلقت الحملة بالفعل مساعدات مصرية وإريترية ومن عدة دول أخرى.