أمامنا طريقان لا ثالث لهما، إما أن نمد الفترة الانتقالية بقرار واضح لمدة سنة أو سنة ونصف السنة مثلاً، وإما أن نطبق خارطة الطريق، بأن نبدأ فوراً فى انتخاب مؤسسات الدولة الرئيسية بما فيها انتخابات رئيس جديد، وإن كنت أفضل الطريق الأول حتى تستقر الأمور أولاً، ثم تتضح الصورة أمامنا ونعرف من يستطيع أن يقودنا فى أخطر مرحلة تمر بها البلاد.
أكبر خطأ ارتكبناه ونعانى منه حتى الآن هو العجلة فى انتخاب مجلس الشعب ثم الرئاسة دون أن تتضح الصورة أمام الشعب ليعرف من أحق الناس بقيادة البلاد لتنفيذ مبادئ الثورة، حتى إننا إذا كان البعض قد نسى - وجدنا أنفسنا أمام خيارين كلاهما مر، إما أن يحكمنا أحد رجال مبارك ونعود إلى الوراء، وإما أن تركب جماعة الإخوان الموجة! حتى إن معظم ناشطى الثورة وكبار الليبراليين المثقفين اضطروا إلى اللقاء مع محمد مرسى أكثر من مرة، ليأخذوا عليه العهد بأن يسلك طريق الثورة والحريات العامة لكى ينتخبوه، ولولا هذا ما كان سينجح مرسى، ليس كل الأصوات التى أخذها من جماعة الإخوان، لقد أعلنت أحزاب كثيرة تأييدها لمرسى خوفاً من عودة العجلة إلى الوراء.
نريد أن نستفيد من أخطائنا، يجب أن نتمهل كثيراً قبل اتخاذ أى خطوة سياسية مستقبلية.. على الوزارة أن تعمل ليل نهار فى انتشال الاقتصاد والأمن وتنفيذ العديد من المشروعات العملاقة لمحاربة البطالة، ملايين الشباب «الورد» صاحب الفضل فى تعديل مسار الثورة نريده فى تعمير الصحراء الغربية ومشروع منخفض القطارة والطاقة فى الضبعة وربط مدن البحر الأحمر بمدن الصعيد ومشروع زراعة أراضى النوبة الغارقة فى المياه طوال العام ومشروعات قناة السويس، الوزارة عليها أن تعرض شروطاً مذهلة للربح على الشركات العالمية لكى تحضر إلى مصر، ولن تحضر إلا بعد أن يستقر الأمن، واستقرار الأمن يحتاج لبعض الوقت، فالدولة تحارب جماعة لها تاريخ طويل جداً فى العنف والقتل والاستقواء بالخارج، تاريخ يمتد منذ عام 1928، كل الجرائم السياسية بيد هذه الجماعة الضالة المضللة عدا جريمتين: مقتل بطرس باشا غالى من أجل شهداء دنشواى، ثم مقتل أمين عثمان، صديق الإنجليز، باقى الجرائم التى ارتكبتها الجماعة ضد الخازندار والنقراشى وأنور السادات وغيرها فى ميادين مصر سواء خلال ثورة يناير، أو الآن، وراح ضحيتها شباب مصر العظيم كلها ضد مصر ولصالح الجماعة، كلها جرائم أضرت أشد الضرر بمصر ومستقبلها، كفاية مقتل السادات ليلة القرارات الخطيرة التى كانت معدة للتوقيع عليها عقب العرض العسكرى مباشرة، تم استئجار القتلة من الخارج وتم التنفيذ الذى كان المفروض أن يكون مستحيلاً، تم التنفيذ تحت رعاية أكبر مساعدى السادات!! قتلوا القائد يوم نصره وسط جيشه المنتصر، جماعة ليس سهلاً القضاء عليها فى أيام أو شهور، سنخوض معركة لم يستطع أن يحسمها جمال عبدالناصر ولا أنور السادات ولكن الثقة الكبرى فى رجل رائع اسمه «عبدالفتاح السيسى».. أرسله الله لمصر فى الوقت المناسب، مصر التى ورد اسمها فى القرآن عدة مرات.
ثم أرجوكم.. أرجوكم.. أرجوكم لآخر الصفحة، أرجوكم الشعب كله لا يريد أن يسمع كلمة «المصالحة»!! بطلوا كلام رومانسى فى أحرج فترة تمر بها مصر!!
أرجوكم مرة أخرى.
لذا، لا مناص من مد الفترة الانتقالية حتى «ننظف» البلاد وتستقر الأمور.
حتى بعد ذلك، نحن فى حاجة إلى فترة هدوء لنحسن الاختيار، وإن كنت من أنصار أن نتفق على شخصية معينة تقودنا بعد فترة الانتقال تعود مصر تحت رئاسته إلى سابق عهدها، عندما كانت «سلة قمح العالم» والجنيه المصرى أغلى من الجنيه الذهب وإنجلترا وفرنسا مديونة لمصر والصحة حق للجميع كما كان يريد السادات، والتعليم مثل الماء والهواء بحق، كما كان يريد طه حسين.
تعجلنا بعد ثورة 25 يناير فضعنا، فهل نتعلم الدرس؟! يا رب.