التفويض الذى منحه الشعب يوم الجمعة الماضى لوزير الدفاع عبدالفتاح السيسى، سبق أن حذرنا منه. وها قد وقع المحظور ليل السبت الفائت، حيث سقطت ثلة من المعتصمين ممن غررت بهم جماعة الإرهاب والبهت قتلى ومصابين، تسأل السلطة عن دمائهم، حتى لو لم تطلق النار عليهم، لأنها صاحبة السيادة على الأرض.
منذ اليوم الأول لبيان السيسى، ذكرت أن التفويض كلمة هلامية وغير محددة المضمون. والدليل على ذلك أطرح الأسئلة التالية لعلى أجد من يجيبنى عنها: ما الذى يُرضى وزير الدفاع حتى يحسب حشد الجمعة الماضى تفويضًا، مليونا أم 10 أو 30 أو 50 مليونا أو 90 مليونا؟. وما معنى وما حجم الإرهاب الذى يقصده؟ وما هو موضوع التفويض، بمعنى هل هو تفويض باستخدام وسائل دفاعية أم هجومية، وكلنا يعلم أن السيسى نفسه ذكر أنه ليس لديه أسلحة أمن بل أسلحة قتال، أى موت عشوائى؟. السؤال الآخر: أى منطقة سيستخدم فيها التفويض هل سيناء أم كل محافظات مصر؟. وضد من: هل ضد من يحملون السلاح ويحضون على الإرهاب بالكلمة من أعضاء جماعة الإخوان ممن يطقطقون الحناجر على منصة رابعة العدوية، أم ضد المعتصمين والمتظاهرين السلميين أم ضد حاملى السلاح؟.
عامة، اتضح المشهد، وقد سبق أن قلنا أن ما يذكر على منصة رابعة وأعمال العنف التى يقوم بها الإخوان، وحضهم على نشأة جيش مواز، كلها أمور تعد فرصة ذهبية تكفى السلطة لتفكيك البنية التحتية للجماعة بالأسلوب الأمنى، لكن هذا الأمر يقتضى تفعيل القوانين الحالية، والقبض على رؤوس الفساد من قادة الجماعة بمن فيهم المرشد ذاته. كما يمكن أيضًا سن قانون التظاهر الذى صنع الإخوان مشروعه كوسيلة لفض الاعتصامات، وأيضًا استخدام الطرق السلمية لتفريق المعتصمين، برشهم بالماء الآسن، وقطع الكهرباء والماء عن أماكنهم، وتحريك دعاوى سكان المناطق المحيطة للخلاص من إزعاجهم، وقد يصل الأمر إلى حملهم وضربهم بالهراوات عند تعمد قطع طرق المواصلات وتعطيل عمل المنشآت، أما أن يعامل أى شخص سلمى بتلك الطريقة الوحشية فهنا لا مكان لتفويض أحد.
إن ما يحدث على الساحة المصرية لا يعدو أن يكون قضاء على الفاشية الدينية بوسائل أخشى ما أخشاه أن تقود مصر لفاشية عسكرية. ولعل الغريب فى الأمر أن بعض دعاة الليبرالية وحقوق الإنسان قد خرست ألسنتهم عن تلك التجاوزات، وهم لا يعلمون أنه ربما تدور الدوائر عليهم من قبل المفوضين غدًا.