في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي بسبب جائحة كورونا وضجيج الاحتجاجات التي اندلعت عقب مقتل الأمريكي ذو الأصول الأفريقية جورج فلويد، يشهد السباق إلى البيت الأبيض معركة طاحنة تدور رحاها بين كل من الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته، دونالد ترامب ومنافسه الديموقراطي، جو بايدن.
فبعدما حصل جو بايدن، نائب الرئيس السابق باراك أوباما، رسميا على ترشيح الحزب لخوض غمار السباق الرئاسي، السبت،تتخذالمواجهة بينه وبين الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته، دونالد ترامب منحى غير مسبوق في أي انتخابات ماضية؛ إذ سقطت كل الثوابت التي تحكم الانتخابات في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها المشهد السياسي الأمريكي.
«سيناتور الصفقات والتحالفات»
وبحسب الواشنطن بوست يعد جو بايدن ذو الـ78 عامَاـ والذي يعتبره الأمريكييون ليبرالي معتدل،هو المرشح الأوفر حظًا أمام ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة نظرًا لخبراته السياسية التي تزيد عن 40 عامًا في عدة مناصب شغلها.
ولد بايدن في 20 نوفمبر 1942، ودرس القانون بجامعة ديلاور، ثم تخصص في العلوم السياسية، أصبح سيناتور أمريكي وعمره لم يتجاوز الـ29 عامًا بعدما فاز بمقعد في مجلس الشيوخ عام 1973، وعين مسؤولًا بلجنة القضاء في الكونجرس، وأعيد انتخابه في مجلس الشيوخ ست مرات في الأعوام 1978 و1984و 1990و1996 و2000 و2008، كما يعرف عنه براعته في عقد الصفقات والتحالفات السياسية بحسب الواشنطن بوست.
انتخب بايدن عام 2008 نائبًا للرئيس السابق ذو الأصول الأفريقية باراك أوباما، وأعيد انتخابهما معًا في عام 2012 لفترة رئاسية ثانية حتى العام 2016.
واعتبارا من العام 2017 انطلق إلى المجال العام بعدما أطلق وزوجته مؤسسة بايدن، وهى منظمة تعمل على قضايا تشغل الرأي الأمريكي، كمبادرة بايدن لمكافحة مرض السرطان وتطوير كليات المجتمع والأسر العسكرية وحماية الأطفال والمساواة وإنهاء العنف ضد المرأة وتعزيز الطبقة الوسطى، بحسب قناة«فوكس نيوز» الأمريكية.
وعن موقفه من القضايا العربية، أيد بايدن الغزو الأمريكي للعراق، بل وحشد له اثناء التصويت عليه بالكونجرس الأمريكي عام 2002 وتمكن من اقناع 28 نائبًا ديموقراطيًا بمجلس الشيوخ الأمريكي للتصويت لصالح الغزو الأمريكي للعراق، وهو أمر يؤخذ عليه بحسب الـ «بي بي سي».
أما فيما يخص القضية الفلسطينية انتقد بايدن مساعي إسرائيل لضم منطقة الأغوار، إذ وصفها، في مايو الماضي، بأنها ستقضي على فرص السلام ومبدأ حل الدولتين، لكنه في الوقت ذاته وعد اليمينيين في بلاده بالإبقاء على السفارة الأمريكية في القدس بحسب «فرانس 24».
«المحاولة الثالثة للوصول للبيت الأبيض»
طالما كان البيت الأبيض هدفًا وضعه بايدن نصب عينيه منذ سلك أولى خطواته في العمل السياسي، إذ تقدم للسباق الرئاسي الأمريكي كمرشح عن الحزب الديموقراطي للمرة الأولى قبل 33 عامًا في عام 1987، ثم عاود المحاولة في عام 2008، وفشل في كلتا المرتين بعد عروض باهتة، بحسب توصيف الإندبندنت.
«اللعب بكل الأوراق السياسية»
يجيد بايدن اللعب بكل الأوراق على مسرح الأحداث السياسية؛ فهو بارع في تحييد مؤيدي المرشحين المنافسين له؛ فبحسب «دوتش فيليه»، في تقريرها يسعى بايدن لكسب أصوات المتحمسين للمرشح اليساري المنسحب ساندرز بالحديث عن مطالب العمال والاهتمام بتوسيع نظام الضمان الصحي ومكافحة التفاوت الاجتماعي، وعلى الجانب الآخر لا يخفي بايدن أنه ملتزم بالتطلعات اليمينية لمؤيدي ترامب، إذ وعدهم بالإبقاء على القدس عاصمة لإسرائيل، بحسب الواشنطن بوست، لكنه في الوقت ذاته يتحدث عن مبدأ حل الدولتين وعملية السلام.
وفي خضم غضب الغضب العارم جراء التمييز ضد الأمريكيين ذوي البشرة السمراء واتهام تامب بتعزيز العنصرية، اصبح لدى بايدن كارت رابح آخر لكسب أصوات المتعاطفين مع فلويد، خاصة بعدما حظى بدعم الرئيس السابق، باراك أوباما الذي أعلن في أبريل الماضي، عبر مقطع فيديو مصور إن بايدن «يتمتع بكل الصفات، التي نحتاجها في رئيس في الوقت الحالي» بحسب فرانس 24.
«الظروف السياسية تدفع بايدن للمقدمة»
وبحسب صحيفة واشنطن بوست يدفع المشهد السياسي ببايدن في مقدمة السباق الرئاسي، لتصبح نتائج السباق إلى البيت الأبيض على صفيح ساخن لا سيما في ظلّ التحديات التي تواجه الرئيس المنتهية ولايته ترامب، نظرًا لتراجع الاقتصاد الأمريكي بسبب تفشي جائحة «كورونا»، واساءة إدارته الاحتجاجات التي اندلعت عقب مقتل الأمريكي ذو الأصول الأفريقية، جورج فلويد.
فبعدما كانت حملة الدعاية الخاصة ببايدن الذي شغل منصب نائب الرئيس الامريكي السابق بااك أوباما تترنح قبل أسابيع فقط، جراء ضعف أدائه في ولايتى أيوا ونيو هامبشاير، دبت فيها الحياة من جديد بفضل الفوز الكبير الذي حققه يوم (السبت 6 يونيو) في ساوث كارولاينا، ثم سيطرته على ما يسمى بانتخابات «الثلاثاء الكبير»، حيث حصل على أصوات 10 ولايات من اصل 14 ولاية،، بحسب البي بي سي.
وتصف جريدة الواشنطن بوست بايدن بأنه يحظى بالتوافق للجناح المعتدل في الحزب الديموقراطي لكونه يسعى لتجميع تحالف متنوع من الأنصار بما في ذلك الأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية والناخبين البيض من أبناء الطبقة المتوسطة.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة واشنطن بوست أن جو بايدن يتمتع بدعم كبار السن أكثر من ترامب، وأشارت الصحيفة أن سلسلة استطلاعات الرأى أظهرت مؤشرات مقلقة لترامب حيث أن الناخبين من كبار السن، وهم فئة أساسية لإعادة انتخابه يتراجعون عن دعمه.
«استطلاعات الراي تضع ترامب في مازق»
وتظهرت نتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها عدد من المؤسسات الأمريكية تغييراً واضحاً في توجّهات الناخبين حيال ترامب، فبحسب استطلاعات جامعة «إيمرسون» الأمريكية فإن دونالد ترامب المتطلع لولاية ثانية يقع في مأزق؛ فبعدما كان متقدمًا على بايدنب فارق 5 نقاط في إبريل تراجع إلى نقطتين في منتصف مايو،ثم كانت المفاجأة بأن بايدن أصبح يتصدر الترتيب بالنسبة إلى فئة واسعة من الناخبين المحتملين؛ إذ أظهر استطلاع أجرته كلية «إيمرسون» بين 2 إلى 3 يونيو الجاري عبر عينة عشوائية من مستحقي التصويت تقدم بايدن على ترامب بـ 6 نقاط، بعدما حظي بعدم 53% من المستطلعين مقارنة بـ 47% لترامب، حسبما نقلته دوتش فيليه.
ووفقاً لمجلّة «نيوزويك» الأمريكية، أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة «مونماوث» بين 28 مايو و1 يونيو، أنّ 52% من الناخبين يدعمون بايدن الذي تقدّم على ترامب بـ11 نقطة».
كما كشف إستطلاع أجرته شبكة «فوكس نيوز» في الفترة الممتدّة بين 17 و20 مايو، أنّ «بايدن تقدّم على ترامب بفارق 8 نقاط، وكان مدعوماً بنسبة 48% من المستطلعين، في حين حصل ترامب على نسبة 40% فق، وذكرت صحيفةلانيويورك تايمز، يوم الأربعاء، أنّ»مسؤولي حملة ترامب يشعرون بالقلق إزاء قدرة مرشحهم للفوز في نوفمبر.