يوم الخميس الماضى تابعت أهم ثلاث ساعات فى أهم مناقشة حول أخطر مشكلة صحية تواجه مصر وهى مشكلة فيروس سى، جلسة مؤتمر الجديد فى أمراض الكبد التى أشرف عليها د. حسنى سلامة ود. هشام الخياط وحضرها أساتذة الكبد من مختلف جامعات مصر ومراكزها البحثية، حضر الجميع لمناشدة الدولة بحشد جهودها من أجل القضاء على هذا الوباء، وقد أعلن د. حسنى، رئيس قسم الأمراض المتوطنة بطب القاهرة، عن ضرورة الاعتراف بأننا نعانى من وباء وليس مجرد مرض عابر، وباء يستنزفنا اقتصادياً وإنسانياً، يكلفنا مايزيد على 280 مليون جنيه للعلاج فقط، فضلاً عن النزيف الاقتصادى نتيجة انخفاض إنتاجية المريض، الاعتراف سيجعلنا نناشد العالم بأن يساعدنا على عبور هذه المحنة كما ناشدت دول أفريقية أخرى دول العالم المتقدم ومنظمة الصحة بدعم دواء الإيدز وتوفيره بأسعار زهيدة، لابد من الاعتراف بأن هناك كارثة قومية اسمها فيروس سى تتنامى ككرة الثلج المرعبة وتأكل الأخضر واليابس، هناك مريض سرطان كبد جديد فى مصر كل 45 دقيقة، هناك منابع عدوى لم تجفف بعد، هناك جهل وتخلف وعدم تقدير لحجم المأساة، هناك فقر وجوع وميزانية لا تحتمل المزيد من الإهدار، ولكن كل هذا لا يجعلنا نتخذ قراراً متسرعاً بتجريب دواء على مريض مصرى بدون التأكد من فاعليته، وتعميمه قبل التأكد من أعراضه الجانبية.
الجدل كان ساخناً ومحتدماً حول ما يطلق عليه الإنترفيرون المصرى، ولكنه رغم كل شىء كان جدلاً راقياً ومحترماً بين علماء لهم وزنهم واحترامهم مثل د. جمال عصمت و د. جمال شيحة ود. يحيى الشاذلى، خرج المؤتمر بتوصيات مهمة لفض الاشتباك حول هذا الموضوع سيرفعها د. عبدالحميد أباظة، مستشار الوزير، للدكتور حاتم الجبلى، أهم هذه التوصيات هى ضرورة إعادة تقييم الدواء على نطاق أوسع يقدر بألفين مريض على الأقل وعلى حساب الشركة المنتجة للدواء، ويطبق العلاج بالإنترفيرون المصرى على الحالات السهلة الأولية فقط والتى تستجيب سريعاً للعلاج مثل سيدة صغيرة درجة F1 وعدد فيروساتها قليل.. إلخ، وعدم حل المشكلة الاقتصادية التى تعانى منها وزارة الصحة والتى نعترف بها جميعاً على حساب المريض، ومستعدون كأطباء وإعلاميين أن نتكاتف لبدء حملة قومية من أجل دعم مشروع فيروس سى بجمع مائتى مليون جنيه لإنقاذ المريض المصرى الغلبان المسكين الذى طحنته الأمراض وأهلكه الفساد.
مطلوب من رجال الأعمال وشركات الدواء بداية إطلاق هذه الحملة القومية لحياة جديدة خالية من فيروس سى، حياة دون وباء يلتهم كبد مصر وشباب مصر وعقل مصر ووجدان مصر، صدقونى هذا الوطن يستحق حياة أفضل.