كان المصريون القدماء من أبرع من نقبوا عن الذهب، فخلّفوا 120 منجماً للذهب فى الصحراء الشرقية الممتدة حتى السودان، ومازالت الآثار والمشغولات الذهبية تشهد على براعة ومهارة المصريين القدماء فى التنقيب والبحث عن الذهب.
واستخدم المصريون الذهب آنذاك كوسيلة للزينة الشخصية فقط، وليس كعملة بالرغم من أن ملوك السلالات من الرابعة حتى السادسة استعملوا بعض المسكوكات النقدية الذهبية، ورغم التطور التكنولوجى الذى نعيشه اليوم لم يتوصل أحد إلى أى منجم لم تصل إليه يد الفراعنة حتى الآن.
إن الفراعنة هم الذين توصلوا إلى الطرق الخاصة بعمليات الذهب، بدءاً من البحث إلى الاستخلاص، ولم تثبت الدراسات أنهم استوردوا أى نوع أو كمية من الذهب، ولذلك وضعوا أيديهم على كل مخزون مصر الذهبى.
وهناك دراسة أجريت منذ الثمانينيات تدل على أن الذهب موجود فى ثلاثة أنماط أساسية تتكرر فى المناجم المختلفة، وهذه الأنماط تشترك فى أنها موجودة بالصخور المافية، وهى صخور ترتفع فيها نسبة المعادن المحتوية على عناصر مافية، مثل الحديد والماغنسيوم، ولأن المعادن المافية تكون ذات درجة انصهار عالية، فإن هذه الصخور تتبلور من الصهير، أولاً، قبل أن تفقد الكثير من عنصرى الماغنسيوم والحديد.
وينتزع الذهب من هذه الصخور ثم يعاد ترسيبه فى شكل عروق، بالإضافة لوجود الذهب فى رواسب الوديان المحيطة بالمناجم فى شكل فتات، وقد كان أول استخراج للذهب فى عصر المصريين القدماء، من هذه الرواسب سهلة التشغيل والاستخراج، ثم اتجهوا بعد ذلك إلى العروق الأصلية الموجودة فى الجبال.
أبحاث علمية عديدة تؤكد أن كميات المخلفات الناتجة عن مناجم الفراعنة، تدعوا إلى إعادة تقييم الذهب المتبقى بها، موضحة أنه يمكن استخراج الذهب منها الآن لكونها لاتزال غنية جداً بالتبر وبهذا المعدن النفيس.
كما أشارت دراسات حديثة إلى احتمالية وجود الكثير من الذهب فى الصحراء الشرقية، لم يصل إليه الفراعنة، وذلك على بعض الأعماق أسفل المناجم الفرعونية القديمة، وهو الأمر الذى يتطلب عمل دراسات لاستكشاف جدوى هذه الأنماط الجديدة الموجودة على العمق، لأنها تمثل أحد أهم الكنوز المدفونة، لاسيما وأن العديد من الجيولوجيين يعتبرون البيئة الجيولوجية المناسبة للذهب فى وسط وجنوب الصحراء الشرقية هى جزء من دائرة الذهب التى تشمل شمال السودان وغرب المملكة العربية السعودية، بما فيها البحر الأحمر.