سادت حالة من القلق والجدل الساحة الاقتصادية والمالية الإماراتية والعالمية بعد تفاقم أزمة ديون دبى خلال اليومين الماضيين، وتضاربت الآراء محليا حول قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، والأسباب وراء تضخيم الازمة إقليميا وعالميا، خاصة أن الأجواء السياسية تطل برأسها بقوة فى الأزمة الأصعب التى تواجه نموذج دبى الاقتصادى الفريد من نوعه عربيا، إضافة إلى اكتمال النموذج المتفرد الذى خلقته دبى فى أقل من 10 سنوات.
واتفق أغلب الإماراتيين على أن هذه الأزمة هى المقياس الحقيقى لقدرة دبى على مواصلة ما أحرزته أو العودة إلى الوراء تاركة الساحة خالية لكثير من الطامعين فى هذا الدور.
وتكمن أزمة دبى فى جانبها الآخر، فى تزعزع الثقة فى اقتصاد الإمارة والقائمين عليها، ففى وقت سابق من هذا الشهر اعتبر حاكم دبى محمد بن راشد، فى مؤتمر أمام المستثمرين العالميين، أن «الأسوأ فى الأزمة المالية بالنسبة لدبى قد مر، وأن الإمارة أصبحت الآن مع ظهور مؤشرات تعافى الاقتصاد العالمى فى وضع يسمح لها باستثمار قواها لخوض جولات جديدة فى سباقها نحو التميز».
وأخذ النظر إلى إمارة أبوظبى باعتبارها المنقذ، أبعادا سياسية وتنافسية أخرى، فبعد أن قدمت أبوظبى دعما غير مباشر إلى دبى عن طريق المصرف المركزى من خلال سندات دبى البالغة قيمتها 15 مليار دولار، أكدت أن أى دعم إضافى قد تقدمه الإمارة لجارتها التى تشتد حاجتها إلى السيولة سيتوقف على الطريقة التى ستوضح بها دبى موقفها فى الأزمة.
وقال محيى الدين قرنفل، مدير إدارة الصناديق بشركة «الجبرا كابيتال» إنه رغم أن المبلغ الذى طلبت شركة دبى وورلد فترة سماح لسداده ليس بالضخم، نحو 3.5 مليار دولار، فإن رد الفعل العالمى ذكرنا بالأزمة المالية»، مشيرا إلى أن ما يحدث يعكس أهمية دبى، ليس فقط لطموحها المثير وشططها فيما اتخذته عمادا لتطورها، وإنما لكونها أوضح صورة للنظام المالى العالمى بحسناته وسيئاته.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ «المصرى اليوم» أن شركة دبى وورلد المملوكة لحكومة دبى عليها ديون بالمليارات منذ مدة، ولم تكن هناك مشكلة، كما أن دبى مولت قدرا كبيرا من مشروعاتها بالائتمان فساوى دينها ناتجها المحلى الإجمالى تقريبا.
وتابع: «لا حرج على دبى أن تتخلف عن سداد أقساط ديون، بل وتشهر إفلاس شركاتها الخاسرة غير القابلة لإعادة الهيكلة».
ويرى تريستان كوبر كبير محللى «موديز» للتصنيفات السيادية فى الشرق الأوسط، أن مشاكل الديون التى تمرّ بها دبى الآن لا تمثل أزمة حقيقية فى نطاق تأثيرها، مؤكدا أن ديون دبى تعتبر عديمة الجدوى بالنظر إلى تريليونات الدولارات التى يتم تجميعها من جانب الاقتصادات المتقدمة لسد العجز المالى.