تزايدت عندى احتمالات وجود صفقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الإسلامية الحاكمة فى دول الربيع العربى، ذلك أن الرئيس أوباما، أكد فى المؤتمر الصحفى مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس أنه على ثقة من أن تصور الحل الشامل لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين موجود، وأنه يفضل عدم الأخذ بأسلوب التفاوض على مراحل حتى لا تعوق كل مرحلة ما بعدها، ولكنه يرى أن أفضل الطرق هو توصل الطرفين إلى اتفاق واسع شامل، يؤمن قيام الدولة الفلسطينية ذات التواصل الجغرافى، ويضمن احتياجات الأمن الإسرائيلى.
لقد قلت هنا الثلاثاء الموافق 26/2/2013 تحت عنوان «صفقة الدولة الفلسطينية بين أمريكا والإسلاميين» إننى أطرح على الأمريكيين والإسلاميين معاً استخدام المدخل التاريخى فى إنجاز اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، عندما ضغطت الولايات المتحدة بقدمها الثقيلة على يايات فرامل عجلة التوسع الإسرائيلية فأوقفتها وأرغمت مناحيم بيجين، زعيم الأطماع التوسعية فى سيناء، على ابتلاع أطماعه والانسحاب التام منها مقابل أمرين : الأول تحقيق المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى طرد النفوذ السوفيتى الاشتراكى من مصر على يد الرئيس السادات، والثانى توفير بعض ضمانات الأمن الإسرائيلى.
كان رأيى أن الولايات المتحدة تحتاج اليوم حكم الإسلاميين كما احتاجت من قبل حكم السادات، وهذه المرة لاحتواء جماعات الجهاد الإسلامى، التى مثلت خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة منذ هجمات سبتمبر 2001 على واشنطن ونيويورك، وأن عليها أن تقدم ثمناً لهذا تماماً كما فعلت بإرغام إسرائيل على الانسحاب من سيناء. طبعاً الثمن هذه المرة هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة على إقليم جغرافى متصل فى الأرض المحتلة عام 1967، مع ضمان وجود القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين.
لقد سبق أن وافق الإسرائيليون والفلسطينيون على مبدأ تبادل أو مقايضة أراضى كتل الاستيطان اليهودية فى الضفة بمثلها فى النقب، وفى داخل إسرائيل، إن العنصر الحاسم فى تقديرى إذن لإنجاز صفقة السلام هو الإرادة الأمريكية الضاغطة، وإذا نظرنا فى تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة سنجد الملامح التالية : أولاً : حزب ليكود بيتنا «31 مقعداً بالكنيست» تحت قيادة نتنياهو، الذى سبق أن أعلن عام 2009 عن قبوله مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية، ووضع لذلك عدة شروط، أولها : احتفاظ إسرائيل بكتل الاستيطان الكبرى وغور الأردن وهو ما يمثل حوالى خمسين فى المائة من الضفة، شاملاً القدس الشرقية، وثانيها : اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودى وهو أمر يفتح الباب لمبادلة المناطق المأهولة بعرب 1948 داخل إسرائيل ضمن صفقة تبادل الأراضى، ثالثها : السيطرة على المجال الجوى والحدود البرية للدولة الفلسطينية، رابعها : عدم عودة اللاجئين إلى ديارهم، خامساً : الاحتفاظ بالقدس الشرقية كجزء من عاصمة إسرائيل الموحدة.
ثانياً : حزب يشى عاتيد «19 مقعداً» بقيادة يائير لابيد، ويميل برنامجه السياسى كحزب جديد إلى إنهاء النزاع على أسس تقترب من رؤية نتنياهو السابقة.
ثالثاً : حزب هتنوعاه بقيادة تسيبى ليفنى «6 مقاعد» ويميل إلى رؤية مقاربة وإن كانت أقل تشدداً.
رابعاً : حزب البيت اليهودى بقيادة نفتالى بينيت، وهو حزب المستوطنين من أتباع الصهيونية الدينية وغيرها، ولديه رؤية للتسوية تقوم على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى وقسم من الضفة يعرف بالمنطقة سى مع منح الخمسين ألف فلسطينى الذين يعيشون فى المنطقة الجنسية الإسرائيلية.
لقد وقعت هذه الأحزاب الأربعة واتفقت على الخطوط الأساسية الحاكمة لسياسات الحكومة الائتلافية، اسمحوا لنا أن نطالع الجزء الخاص بالسلام والأمن وأنقله لكم عن النص العبرى. أ- للشعب اليهودى حق غير قابل للنقض فى دولة ذات سيادة فى فلسطين «أرض إسرائيل». ب- ستسعى إسرائيل إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين بهدف الوصول إلى تسوية سياسية معهم تنهى النزاع، وإذا تم مثل هذا الاتفاق فلابد أن يحصل على تصديق الحكومة والكنيست، وإذا دعت الضرورة يطرح على الاستفتاء لأخذ تصديق الشعب عليه. ج- ستعمل الحكومة بفاعلية لتعزيز الأمن القومى وتوفير الأمن الشخصى لمواطنيها من خلال مكافحة العنف والإرهاب. د- ستدفع الحكومة العملية السياسية وستعمل على دفع السلام مع جميع جيراننا من خلال الحفاظ على المصالح الأمنية والتاريخية والقومية لإسرائيل.
سيلاحظ القارئ معى أننا أمام صياغة فضفاضة لهذا الجزء من برنامج الحكومة وهى صياغة متعمدة حتى لا تنفجر الخلافات مع حزب البيت اليهودى وحزب إسرائيل بيتنا، بقيادة أفيجدور ليبرمان، والذى دخل الانتخابات فى قائمة موحدة مع ليكود. إن هذين الحزبين يرفضان حتى الآن حل الدولتين ولذا فإن الصياغة الفضفاضة ترضيهما. الخلاصة أن الإرادة الأمريكية إذا ما لوحت بجزرة الأمن ومزيد من الدعم لإسرائيل ووضعت قدمها على يايات التوسع، تحقيقاً لمصالح أمريكية عليا، فإن هؤلاء المتطرفين سيبتلعون تطرفهم أو يخرجون من الحكومة ليحل محلهم حزب العمل والحريديم. فلنركز على ملاحظة التحرك الأمريكى القادم.
■ رسالة لوزير الداخلية : تلقيت رسالة من المواطن أحمد الدرديرى، الموظف بجامعة عين شمس، يناشدنى إيصال صوته لوزير الداخلية بشأن سلوك العاملين بإحدى محطات البنزين امتنعوا عن تزويد سيارته وهددوه رغم قيامهم بملء جراكن وتحميلها للبيع فى السوق السوداء، وباءت محاولته للاستنجاد بشرطة النجدة بالفشل، وأرسل شكواه إلى الوزارة.