تعلموا من عباس العقاد..!

أحمد الصاوي الخميس 23-09-2010 08:10

«إن الذين يذمون الحياة هم الراغبون فى حياة خير منها، لا الراغبون فى الموت كما يتوهم الكثيرون، وربما كان ذو النقمة والسخط على الحياة أرغب فيها ممن يرضون عنها ويرتعون فى صفوها ونعيمها».. هكذا قال المفكر والكاتب العملاق عباس العقاد ذات يوم، وهذه الرسالة التى صاغها قلمه الكبير تستحق أن توجه اليوم إلى أولئك الذين تضيق صدورهم بالنقد، ويعتقدون، فى كل مرة يتعرضون فيها لاختلاف أو حتى هجوم، أن منبعه ومبرره كراهية، وليس حباً، أو رغبة فى الإصلاح على الأقل.


عندما تنتقد خطأ فى «صحيفة» فأنت لا تكرهها وربما تكون حريصاً عليها، مثلك مثل القائمين عليها إن لم يكن أكثر، وقصدت لفت الانتباه لتصويب المسار، دون أن تقصد الهدم أو التشفى، وعندما تنتقد أداء مسؤول فى وزارة أو الوزير نفسه، فأنت بالتأكيد لست معادياً للوزارة كمؤسسة، ولست كارهاً للوزير بشخصه، وربما كنت حريصاً عليه أكثر من مستشاريه. لكن المشكلة أن هناك من يتوحد مع وظيفته، فيعتقد أن الاقتراب منه اقتراب من المؤسسة التى يرأسها، وهناك من يتمادى فى ذلك فينظر لمؤسسته بتوحد مع الدولة، معتقداً أن الاقتراب منه، تربص بمؤسسته، والتربص بالمؤسسة اعتداء على الدولة ذاتها.


هكذا تفكر نخبة المفترض أنها مؤتمنة على عقل المجتمع، فلا تفرق بين حق النقد وبين الاستهداف والتربص، ولا تجيد قراءة السطور كاملة، وتعتقد أن الإيحاء بوجود حملة عليها تستهدف الدولة فى الأساس هو طريقة ناجحة للخروج من الأزمات والإخفاقات وسوء تقدير المواقف.


أكتب هذه السطور بمناسبة التفاعل الذى حدث من داخل مؤسسة الأهرام مع الانتقادات التى وجهت لإدارة التحرير حول نشر صورة تم التدخل فيها بـ«الفوتوشوب»، خاصة بيان الدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس الإدارة، الذى جاء قريباً مما طرحته من تحليل، خاصة حين اعتبر أن انتقاد البعض لـ«فعلة الأهرام» حملة استهداف، وأن ما دار حول ذلك «ضجة مفتعلة»، وقوله: «إن ما جرى فعليا، هو أنه تم تجاوز الصورة إلى الصحيفة ثم تجاوز الصحيفة إلى المؤسسة وتجاوز المؤسسة إلى النظام السياسى ليصل الأمر فى النهاية إلى استهداف الدولة».


وهى الطريقة ذاتها التى حدثتك عنها، التى تعتبر الاقتراب من «اجتهاد محرر فى الأهرام» استهدافاً للمؤسسة، ومن ثم استهدافاً للدولة والنظام السياسى.. دعك من مناقشة معنى «تكوين الفوتوشوب» والخلاف المهنى حول ذلك، وتعال لننظر إلى الضجة المفتعلة والاستهداف، فإذا كان ما حدث فى مصر من رد فعل كان ضجة مفتعلة واستهدافاً، فهل تورطت صحف دولية وغربية محترمة ووكالات أنباء وموقع شهير مثل «ياهو» فى الضجة المفتعلة واستهداف «الأهرام» والدولة؟!


وفى النهاية يقول لك د. سعيد معلومات، المفترض أنك تعرفها حول مكان الأهرام ومكانتها فى الصناعة، وهى مكانة لم ننكرها، هى العمود الفقرى لصناعة - الصحافة كما أشرت ولم أضف جديداً - لكنه لا يفترض للحظة أن إدراكنا جميعاً لهذه المكانة،


وهذه المعطيات، التى تجعل الأهرام تجلس منفردة على «عرش» صناعة الصحافة فى صيغتها التكاملية.. «إصدارات وإعلانات ومطابع وأسطول توزيع».. هى التى تدفعنا للغضب من أجل «الأهرام» وليس عليها، تعاطفاً مع «الأهرام» وليس عداء، اختلافاً مع أفراد فى «الأهرام»، وليس مع المؤسسة ولا الدولة..!


sawyelsawy@yahoo.com