انهيار القيم وتفسخ العلاقات والهجرة تجمع الأفلام العربية في مهرجان «خريبكة»

كتب: رامي عبد الرازق السبت 07-07-2012 13:37

 

من بين اثني عشر فيلمًا أفريقيًّا، هي حصيلة المسابقة الرسمية للدورة الخامسة عشرة لمهرجان (خريبكة) للسينما الأفريقية (30 يونيو-7 يوليو)، جاءت المشاركة العربية متمثلة في خمسة أفلام من أربع دول هي المغرب ومصر والجزائر وتونس، وذلك من أصل 11 دولة أفريقية شاركت خلال فعاليات المهرجان المغربي الأقدم، حيث تأسس عام 77 وكانت دوراته تنظم كل 5 أعوام ثم كل عامين.


شاركت المغرب هذا العام بفيلمين هما «موت للبيع» للمخرج فوزي بن سعيدي، الذي سبق أن اختير رسميًّا خارج المسابقة في مهرجان «برلين»، و«الأندلس مونامور» إخراج محمد نضيف، وسبق أن عرض في الدورة الأولى لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، بينما شاركت مصر بفيلم «كف القمر» لخالد يوسف والجزائر بفيلم «قديش تحبني» للمخرجة فاطمة الزهراء زموم، وتونس بفيلم «ديما براندو» للمخرج رضا الباهي الذي فاز من قبل بجائزة أحسن منتج عربي في مهرجان ابو ظبي السينمائي في دورته السابقة.


ثمة محوران أساسيان يمكن أن نقرأ من خلالهما المشاركة العربية.. الأول هو المحور العربي العربي والثاني هو المحور العربي الأفريقي، حيث نجد علاقات سينمائية مشتركة تربط ما بين الأفلام العربية المشاركة ببعضها من ناحية، وتربطها بالأفلام الأفريقية المشاركة من ناحية أخرى.


المحور العربي-العربي يتمثل في وجود أفكار وتيمات مشتركة ما بين الأفلام الخمسة التي تتجلى في تيمة التفسخ العائلي والانهيار القيمي للمجتمعات العربية ونجدها حاضرة في فيلم «كف القمر» حيث الأخوة الخمسة الكف أبناء قمر الذي تتفرق بهم السبل نتيجة فساد كبيرهم والتباس الحق بالباطل عليه وانشقاقهم بعيدًا عن عصبتهم، والعائلة هي الخلية الأولية للمجتمع كما يشرحها علم الأجتماع وانهيار الأسرة والقيم العائلية هو بداية انهيار المجتمع كله ووقتها يجد الفرد نفسه بمفرده، كحال الطفل عادل بطل الفيلم الجزائري «قديش تحبني» الذي يكتشف أن العالم يشبه حديقة حيوان ضخمة، وذلك عندما يضطر للإقامة في منزل جده وجدته بعد أن انفصل والداه وتنصل كل منهما من المسؤولية تجاهه ورغم كل الحب الذين غمرته جدته إلا أنه يجد نفسه وحيدًا في نهاية الفيلم، وقد أدرك أن عليه أن يواجه الحياة بلا براءة وبفردية كاملة.


أما تفسخ الأسرة في الفيلم المغربي «موت للبيع» فيتمثل في تلك العلاقة العنيفة التي نلمسها ما بين مالك وأسرته، حيث تبدو كل قيم الحب والعطف والبنوة منهارة ومشتتة وتتسع دائرة الشقاق عندما يدخل إلى حياته مفتش الأمن العام الذي يتحول إلى سلطة قاهرة أبوية بديكتاتورية واضحة، تزيد من انقلاب عالمه رأسًا على عقب، مثلما نراه في المشهد الأخير عندما يصعد السور أمام تلات تطوان وينقلب به الكادر دلالة على أن حياته انقلبت بلا رجعة.


ونفس الشعور بالانهيار القيمي نراه في الفيلم التونسي «ديما براندو» حين نجد القرية التي يهبط عليها طاقم تصوير الفيلم الأمريكي تحاول بشتى الطرق أن تحصل على المال ولو عبر تأجير أجساد بناتها لتصويرهن من قبل الأمريكان، ونجد ذلك في الخط الدرامي الخاص بالأب الذي يصطحب ابنته لأحد المصورين الأمريكان لتصويرها عارية في مقابل حفنة دولارات.


أما الهجرة غير الشرعية فقد أصبحت هاجسًا أساسيًّا في أغلب الأفلام العربية وتعتبر أحد خطوط التماس مع السينما الأفريقية عامة، ففي فيلم «الأندلس مونامور» يستغل أحد رؤساء البلدة الشمالية الشباب الراغب في الهجرة إلى إسبانيا ويصطحبهم إلى جزيرة مغربية ويوهمهم بأنهم يعملون الآن في إسبانيا ويحذرهم من الخروج من المعسكر، كي لا يقبض عليهم، وفي النهاية يكتشفون أنهم مازالوا في المغرب ولم يغادروها، وأنهم ضحية حلمهم بالهجرة إلى أوروبا حتى لو ظلوا عبيدًا يعملون بأجر زهيد ومساجين داخل معسكر حقير.


أما في «ديما براندو» فإن الشاب أنيس الذي أصابته حمى السفر والرغبة في الهجرة إلى هوليوود بعد أن أقنعه أحد الممثلين الأمريكان بأنه يشبه «مارلون براندو» من أجل أن يقيم معه علاقة شاذة، هذا الشاب لا يجد أمامه سوى طريق الهجرة غير الشرعية ليلقى حتفه في النهاية في عرض البحر، مثله مثل المئات من الشباب العربي الذي يلقي بنفسه في البحر هربًا من واقعٍ متردٍّ وكئيب لم تفلح الثورات العربية في تغييره حتى الآن.