د. باسم يوسف: عثمان بين عصْرَى النبوة والإمبراطورية «2»

ناجح إبراهيم الأربعاء 06-03-2013 22:35

■ شجعتنى التعليقات الكثيرة على مقالى السابق عن حبيبى الأثير عثمان بن عفان على الكتابة مجدداً عنه.. فقد طرحت تساؤلات كثيرة تحتاج إلى إجابات وأهمها: لماذا ثار الناس على هذا الخليفة بالذات؟!!.. وسأبدأ فى مقالى هذا بالتمهيد للإجابة عن هذا السؤال:

■ لقد كُتب على «عثمان» أن يتولى الخلافة فى ظرف عصيب طارئ جاء فجأة بعد مقتل الخليفة العادل القوى عمر بن الخطاب.

لقد جاءته الخلافة دون أن يسعى إليها فوجد نفسه فجأة يقود دولة مترامية خرجت لتوها من «عصر النبوة» بما فيه من زهد وتقشف وورع وتجرد،.

■ لقد حاول ابن الخطاب أن يلزم نفسه وولاته ورعيته إلزاماً بعصر النبوة كاملاً دون أن يمنحهم فرصة واحدة للتوقف أمام بهجة الحكم أو بريق سلطانه أو دنياه.

■ لم يكن هناك خيار أمام سيدنا عثمان سوى التمسك بكل قوة بالروح الجميلة لـ«عصر النبوة» مع التفاعل الحضارى اللازم مع متطلبات «عصر الإمبراطورية» والانفتاح على أجيال وافدة من المسلمين الجدد من بلاد الفرس والروم والترك والهند.

■ وقد كان «عثمان» جديراً بالربط بينها، فهو سليل أعظم الأسر وأرقاها.. وكان من كبار التجار.. وهو الذى طاف معظم البلاد وخبر أهلها وثقافاتها.

■ ولكن كيف لـ«عثمان» الليّن الرقيق الوديع أن يحمل همَّ هذه الدولة المترامية الأطراف بعد خليفة قوىِّ الشكيمة.

■ وكيف يفعل فعل ابن الخطاب والدنيا قد فتحت على المسلمين وانتقلوا من عداد الفقراء إلى ساحة الغنى والثراء وتنقلوا فى أقطار الدنيا كلها.

■ لقد رأى البعض أن الخليفة عثمان بن عفان هو الأنسب لهذه المرحلة ليأخذهم بالرفق ويوسع عليهم أبواب العيش .

■ لقد قرأ عثمان بن عفان ذلك فى عيونهم منذ البداية فقال لهم فى أولى خطبه: «إن الدنيا طويت على الغرور فلا تغرنكم الحياة الدنيا.. وارموا بالدنيا حيث رمى الله».

■ ورغم ذلك كانت رؤيته لدور المال والغنى فى الحياة مختلفة عن سابقه ابن الخطاب الذى كان يرى الثراء خطراً على القيم الإيمانية لرعيته.

■ أما الخليفة عثمان فلم يكن يرى أن يعزل والياً من حكام الأقاليم لمجرد رفاهية حياته أو رغد عيشه مادام قد اكتسب ذلك من حله وأنفقه فى حله.

■ لقد سقطت دولتا فارس والروم.. ولكن بقيت النقمة فى نفوس رجالات هذه الدول الكبرى كالنار المخبوءة تحت الرماد.. لقد تحرك اليهودى الذى أعلن إسلامه فى المدينة «عبد الله بن سبأ» لشحن الناس ضد عثمان بن عفان.. وقد رفع فى وجهه شخصية على بن أبى طالب بأنه كان الأجدر والأحق بالخلافة.. وهكذا بدأت الفتنة التى لم تنته حتى لقى عثمان بن عفان ربه شهيداً.