كما أن مهرجانات السينما ليست فقط السجاجيد الحمراء، وحفل الافتتاح وحفل الختام اللذين أصبحا كابوسين يقلقان منام أى إدارة، على حد تعبير ديتر كوسليك، مدير مهرجان برلين، كذلك فإن الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية التى تنظم المسابقة السنوية المعروفة باسم الأوسكار ومن جوائزها، ليست فقط هذه الجوائز التى تقدم فى سهرة واحدة، فى يوم واحد، فهناك الكثير تفعله الأكاديمية، فى الـ364 يوماً الأخرى من أيام السنة.
إنها مؤسسة ثقافية شاملة تعمل طوال العام، وفريقها من الفنيين والإداريين يزيد على مائتى فرد، ومجرد تحديد عدد الجوائز ومسمياتها نتيجة جهد علمى دقيق، وملاحقة التطورات فى صناعة السينما، وهى الفن الوحيد الذى يرتبط بالعلوم والتكنولوجيا على نحو مباشر، ولذلك يعتبر فن العصر دون منازع، فقد بدأ كاختراع علمى، ولا نهاية للاختراعات العلمية، الأكاديمية تقدم مئات المنح السنوية لطلبة السينما ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بالسينما، وهى أصلاً من هذه المؤسسات ولا علاقة لها بالحكومة الأمريكية، كما تنظم عروضاً للأفلام مفتوحة للجمهور بتذاكر، وتصدر الأبحاث والكتب، ومطبوعاتها فى مكتبات السينمائيين، ولا غنى عنها.
وكما تقول داون هدسون فى حوارها مع جون ويزمان محرر الجوائز فى العدد الأسبوعى من «فارايتى» عدد 16 يوليو الماضى، كان إنشاء «متحف» للأكاديمية من الأحلام التى راودت مجالس الإدارة منذ أربعينيات القرن الماضى، وقد تحقق هذا الحلم بقرار مجلس الإدارة فى أكتوبر 2011 بإنشاء المتحف، وصممه اثنان من كبار معمارى العالم وهما الإيطالى رنزو بيانو مصمم أوديتوريوم روما، والمجرى زولتان باكى، ومن المقرر افتتاحه هذا العام.
وكان من المنطقى كما تذكر «هدسون» أن تكون البداية مع الأفلام الصامتة، ويتضمن المتحف 386 فيلماً مرمماً من أرشيف الأكاديمية، ومكتبة «مرجريت هيريك» المكونة من 325 ألف صورة فوتوغرافية، و2871 ملصقاً، و1043 تصميم أزياء وديكورات، و566 سيناريو، وآلافاً من المواد الأخرى المتنوعة، وقد بحت أصوات صناع ونقاد ومؤرخى السينما فى مصر لإنشاء متحف للسينما المصرية يحفظ تاريخها، ولكن دون جدوى، ولا إدراك لأن من لا يحفظ التاريخ لا حاضر له ولا مستقبل.
samirmfarid@hotmail.com