جهل اللحى والجلابيب

محمد سلماوي السبت 16-02-2013 21:40

فى نفس الأسبوع المنصرم، تم كسر رأس تمثال طه حسين بإحدى المحافظات، وطمس وجه تمثال أم كلثوم فى محافظة أخرى، وفى الحالتين هو اعتداء على الهوية المصرية كما مثلها اثنان من أعظم رموزها من جانب من يمثلون التخلف والجهل والتربص بتراثنا الوطنى العريق.

لقد كان عميد الأدب العربى أزهرى النشأة طه حسين هو من رفع شأن الأدب العربى ليس فى وطننا العربى وحده، وإنما على المستوى الدولى أيضاً، ويذكر التاريخ أنه كان معروفاً فى الغرب، خاصة فى فرنسا التى عاش بها فترة دراسته وجمعته صداقات مع الكثير من أدبائها، حتى إن الشاعر الفرنسى الكبير جان كوكتو، حين قام بزيارته الشهيرة لمصر فى الأربعينيات الماضية ذهب لزيارة طه حسين بمنزله، كما ذهب لزيارة الأهرامات وأبوالهول، وأذكر أن أول تعليق لأديبنا الأكبر نجيب محفوظ، حين فاز بجائزة نوبل كان: «لقد كان أساتذتى أولى بها منى!»، وكان يقصد بذلك ـ حسبما قال لى بنفسه ـ أربعة هم: طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم والمازنى.

أما أم كلثوم فقد تحولت لرمز شامخ للفن المصرى فى أعظم تجلياته، وهى أيضاً قصة كفاح فى كتاب لتحرر المرأة المصرية وتأكيد هويتها بصعودها من أكثر البدايات تواضعاً إلى أعلى درجات التحقق والنجاح، وقد كانت مثالاً لارتباط الفنان بقضايا أمته فى السراء والضراء، ولست بحاجة للتذكير برحلاتها التى جابت بها العالم لتجمع بصوتها الملايين لمساعدة بلدها فى إزالة آثار عدوان 1967 الغاشم من تونس والخرطوم إلى باريس وموسكو.

لقد رفع كل من طه حسين وأم كلثوم اسم مصر عالياً فى العالم، كما أسديا للإسلام نفسه من الخدمات ما لا يمكن تجاهله هو بكتبه المرجعية عن الوعد الحق والفتنة الكبرى ومرآة الإسلام وعلى هامش السيرة، وهى بأغنياتها الخالدة نهج البردة وولد الهدى لشوقى وإلى عرفات الله والثلاثية المقدسة ورابعة العدوية وغيرها، كما تلت القرآن بصوتها فسحرت الألباب، بل إنها تعلمت الغناء من مدرسة القرآن، الذى بدأت حياتها تجوب البلاد وهى طفلة لتلاوته.

فماذا فعل للإسلام هؤلاء الجهلة الذين تعدوا على التمثالين غير الإساءة للإسلام الذى هو منهم براء؟ إن طه حسين وأم كلثوم من بين أهم رموز الهوية الثقافية والوطنية المصرية، التى إن تم تحطيمها فماذا يبقى غير جهل اللحى والجلابيب؟!

msalmawy@gmail.com