الحوار يكون مع «فصيل سياسي» لا مع «تشكيل عِصابي»!

طارق الغزالي حرب الأحد 03-02-2013 21:36

لم يعد أحد يستطيع أن يحصى كم المبادرات التى انطلقت فى الآونة الأخيرة، تتطاير فوق رؤوس المصريين، وتدعو جميعها إلى كلمة واحدة، لم يضع لها أحد تعريفاً محدداً وهى «الحوار». يبدو أن أحداً لا يريد أن يتحمل مسؤولية شرح ما تعنيه هذه الكلمة بالنسبة لكل طرف، وقد اتضح ذلك جلياً فيما حدث منذ أسابيع قليلة حين نقلت الأنباء دعوة من الفريق «السيسى» وزير الدفاع للاجتماع فى أحد المقار التابعة للقوات المسلحة وجهها لرموز المعارضة المصرية ولبعض شباب الثورة للحوار، فرحبوا بها بل إن بعضهم بدأ التوجه فعلا للمكان، كما وجهها وقبِلها فى حينها رئيس الجمهورية.. وماهى إلا ساعات قليلة حتى ظهرت البيانات تلو البيانات عن هذه الدعوة سواء من مؤسسة الرئاسة أو المؤسسة العسكرية بأن الغرض من الاجتماع ليس «الحوار»، ولكنه ـ فقط ـ دعوة اجتماعية للم الشمل، يتخللها غذاء، وماهى إلا سويعات قليلة حتى أعلن عن عدم حضور الرئيس دعوة قواته المسلحة، ومن ثم تقرر إلغاء الدعوة كلية فى مشهد غريب مثير للريبة والتكهنات. إذن فهناك جهة ما لم يعجبها أن يكون هناك «حوار» أو حتى مُجرد اصطفاف وطنى يساعد على تهدئة الأوضاع فى بلد على شفا الانهيار والإفلاس، لأن هذه الجهة – فى رأيى – تعرف جيداً أن كلمة «الحوار» تعنى عرض الآراء المختلفة مع التعهد بالاستعداد للوصول إلى حلول وسط أو نقاط التقاء، وهو ما ترفضه هذه الجهة التى تظن واهمة أنها صاحبة الكلمة العليا الآن، وأنها لن تقبل أى اتفاقات يمكن أن تُعيق ما تُخطط له من سيطرة على مجلس النواب القادم، وبالتالى استمرار هيمنتها وسيطرتها على مؤسسات الدولة بالكامل.

الذى حدث بعد وصول رجل من هذه الجماعة إلى منصب الرئاسة فى الوقت الذى ظل فيه مرتبطاً بخيوط غير مرئية بمكتب إرشاد الجماعة تحركه بها كيفما تشاء، أثبت بالدليل العملى القاطع أن هذه الفئة من الناس ذات الأفكار البالية العقيمة المُشوشة لا يمكن التعامل معها كفصيل سياسى يصلح لإدارة دولة.. فالطريقة المُمنهجة والمُخططة التى انقضوا بها على المراكز القيادية فى الدولة فى جميع الوزارات فى غضون شهور قليلة والنهم لشراء الأصول وعقد الصفقات والمُتاجرة فى كل شىء على أرض هذا الوطن، أظهرت الوجه الحقيقى لهم كعصابة مُحكمة التنظيم لها امتدادات خارج الدولة، ولها مشروعها الأممى الذى لاعلاقة له بوطنهم المصرى، ويهدفون فى كل ما يعملون ويخططون له إلى الاستيلاء على مصر لتكون قاعدتهم الأساسية لنشر أفكارهم الرجعية الخَرِبة والإرهابية.

إننى أتوجه للسادة الذين يقودون جبهة الإنقاذ، ولهؤلاء المخدوعين والمتلونين بحثاً عن أى موقع أو دور ولو بالتآمر، أقول لهؤلاء جميعاً إن الحوار يجب أن يكون مع من يمكن أن يوصف بأنه «فصيل سياسى» يؤمن بمبادئ الديمقراطية وتداول السلطة، أما الحوار مع «عصابة» تريد أن تسرق الدولة بعد أن تصوروا أنهم قد سرقوا الثورة، وتستعبد شعبها وتفرض سيطرتها وأفكارها الظلامية، فهو الهراء بعينه، بل هو خيانة للمشروع الوطنى الذى قامت من أجله الثورة. إن الشعب الذى ثار لمنع توريث مصر لعصابة جمال مبارك لن يقبل فى يوم من الأيام أن ترثها عصابة الإخوان مهما كان الثمن.