الشعب يريد. ولا يعرف ماذا يريد

أحمد حسن الخميس 31-01-2013 21:16

عجبا لنا شعب مصر دائماً نردد الشعب يريد ولا نعرف ماذا يريد، أصبح الشعب المصرى بمعظم توجهاته مليئاً بالتناقضات الغريبة، ويغير رأيه من وقت إلى آخر بحسب المواقف، ولا يعجبه أو يرضيه أى شىء، ولا يعرف ماذا يريد؟!

وأنا لا أتحدث عن فئة معينة، ولكنى للأسف الشديد أتحدث عن الأغلبية وعن جميع الفئات.. إخوان وسلفيين وليبراليين وفلول وثوار.

فالشعب بدأ ثورة 25 يناير بالمطالبة بإسقاط الحكومة، وطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وعندما تم تغيير الحكومة لم يعجبه الأمر، وبدأ فى تغيير موقفه، وطالب برحيل الرئيس السابق حسنى مبارك، وبعد إسقاط مبارك هتفوا للجيش، وأشادوا به بشكل كبير وهتفوا «الجيش والشعب إيد واحدة»، ثم سرعان ما غيروا رأيهم وهاجموا الجيش، واتهموه بأبشع الاتهامات، وطالبوا بإسقاطه، وهتفوا «يسقط يسقط حكم العسكر».

والغريب أن الكثيرين منهم بدأوا الآن فى تغيير رأيهم للمرة الثالثة ويطالبون بتدخل الجيش والعودة للحكم مرة أخرى، للتخلص من حكم الإخوان، بسبب عدم الثقة فيهم، لأنهم لم يحصلوا منهم سوى على أقوال وليس أفعال.

الكثيرون أيضاً هاجموا الشرطة بشدة، واعتدوا على الضباط وأهانوهم، ثم بعد ذلك يطالبون الشرطة بحمايتهم والتصدى للخارجين على القانون، ثم يذهبون لمقر الداخلية لضربه وتحطيمه وضرب الضباط.

وحتى فى انتخابات الرئاسة، تفرق المرشحون المنتمون لنفس التيار، وفتتوا الأصوات فيما بينهم ولم يتحدوا، ولم يقبل حمدين صباحى أو عبدالمنعم أبوالفتوح أن يتنازل أحدهما للآخر، ولو كان أحدهما تنازل لفاز الآخر.

وحتى الشعب نفسه لم يتفق على رئيس، وتفتتت أصوات المنتخبين بين خمسة مرشحين، وحتى فى جولة الإعادة فاز الدكتور مرسى بفارق ضئيل عن الفريق شفيق.

الكثيرون يطالبون بالعدالة، وبقيام دولة القانون واحترام القانون، وعندما لا تعجبهم الأحكام يهاجمون القانون، ويهاجمون القضاة ويحاصرون مقر المحكمة فكيف يقومون بإهانة القضاء ويطلبون فى الوقت نفسه من الآخرين احترامه!

الإعلاميون يطالبون الشرطة بالتصدى لمن يهاجم المنشآت ويصفونهم بالبلطجية، وعندما تتصدى لهم الشرطة ينتقدون هذا التصرف ويخرج علينا بعض الإعلاميين ليقولوا كيف يتصدى الضباط للثوار وللشباب الطاهر!!

جبهة الإنقاذ التى تتكون من عمرو موسى ومحمد البرادعى وحمدين صباحى تضم ثلاثة أشخاص كانوا ضد بعضهم، وكانوا يهاجمون بعضهم قبل انتخابات الرئاسة، والآن أصبحوا متعاونين، واجتمعوا سوياً، فلماذا كانوا ضد بعض، ولماذا اتحدوا الآن؟

الإخوان المسلمون والحزب الحاكم الآن أيضاً مليئون بالتناقضات، فهم أول من كانوا ضد قانون الطوارئ فى عهد مبارك، وأصبحوا مع هذا القانون الآن، وكانوا مع المظاهرات فى نهاية عصر مبارك وهم ضد المظاهرات الآن، ويعتبرونها أمراً مسيئاً وخروجاً على الشرعية.

الإخوان كانوا ضد إسرائيل بشكل كبير وضد أمريكا أيضا، ويهاجمون مبارك لتعامله معهم، وأصبحوا يتعاملون معهم الآن بل نراهم الآن يدعون اليهود للعودة إلى مصر، والإخوان كانوا أول من أشادوا بنزاهة القضاء بعد فوز الرئيس مرسى فى انتخابات الرئاسة، وأصبحوا أكثر من يهاجمونه بعد نجاحه بأيام قليلة، ويشككون فى نزاهة القضاء.

وبالطبع فإن الإخوان كانوا أكثر من طالب بخروج الجيش من الحياة السياسية، وعودته إلى ثكناته، وأن عمله الرئيسى هو حماية الحدود فقط، وهم الآن يطالبون الجيش بالنزول إلى الشارع من أجل عودة الأمن إلى الشارع.

متى سنعرف ماذا نريد ولو عرفنا لاختصرنا الطريق، يجب أن نعلم أن هذا البلد للجميع وبالجميع، ولن يستطيع أى فصيل أن يقود هذا البلد منفرداً.

أدعو الله أن يهدى الجميع وأن يتعاون الجميع، وأن نوحد الصفوف، ونخلص النوايا، من أجل مصلحة مصر وشعب مصر.

وفى النهاية أتوجه بخالص العزاء لأهالى مدن القناة «السويس والإسماعيلية وبورسعيد»، وهم جزء مهم جداً لا يتجزأ من مصر، ولا ننسى التاريخ المشرف لمدن القناة، التى قدمت خير أبنائها تضحية للوطن.