دون دعوة من أحد!

سليمان جودة الإثنين 13-04-2020 00:17

اختارت السيدة عبير عصام أن تنافس نفسها ولا تنافس غيرها.. وهى قد وجدت فى أجواء كورونا التى تخيم على كل بيت، ميداناً يتسع لمن يرغب فى أن ينافس نفسه أو ينافس سواه.. لا فرق.. فالمهم أن يمارس دوراً يمنح به الطاقة الإيجابية للناس فى مجتمعه!

ورغم أنها من أهل أسوان، إلا أنها لم تشأ أن تجعل من عملها التطوعى أسيراً فى أقصى الجنوب، وراحت تتنقل بين أحياء فى القاهرة، ثم بين محافظات فى الأقاليم لم تدخلها من قبل ولا أقارب لها فيها، ولكنها كانت تحس بأن هناك مواطنين من آحاد الناس وقعوا تحت أقدام كورونا، وينتظرون يداً تعطى وتحمى!.. وقد وضعت لنفسها مدى زمنياً، يبدأ من ١٥ مارس ويمتد إلى ١٥ من هذا الشهر، ثم وضعت شعاراً تتحرك تحته من ثلاث كلمات تقول: رزقك فى بيتك! وفى كل الجولات كانت تتعهد بأن تدخل مائة دار فى كل نهار، وكانت تذهب وفى رفقتها ما تستطيع حمله من الوجبات، ومن الكراتين، ومن الكمامات، ومن الجوانتيات، ومن قطع الأثاث المنزلى، ومن البدل الواقية من الأمراض، ومن المنظفات، ومن كل ما يمكن أن يزيح هماً من الهموم من فوق صدر إنسان فاجأه الڤيروس من حيث لم يكن يحتسب!

وبالورقة والقلم فإنها تبعث السرور فى قلوب ٥٠٠ مواطن يومياً فى المتوسط، وهى تفعل ذلك عن اقتناع بأن مسؤولية تقع عليها تجاه المجتمع فى كل الأحوال، وفى القلب منها أحوال الوباء التى نتنفسها مع الهواء، فتذهب إلى ترجمة عملية لما تقتنع به من تلقاء نفسها، دون دعوة من أحد، ودون تحريض من طرف، اللهم إلا تحريض ضميرها فى أعماقها فى اتجاه التخفيف عن الناس!

وفى طريقها، صادفت أحد الصناع المهرة، فاتفقت معه على منحة لا تُرد قيمتها عشرة آلاف جنيه، ينفقها على ورشة تعمل فى الصدفيات، وكان الاتفاق ينطوى على بند آخر هو تدريب عشرة من الشباب!

لو كانت قد توجهت بما تفعله إلى بلدها فى أسوان، لكان الظن قد وقع بأن وراء ذلك أهدافاً انتخابية.. ولو كانت قد مارست نشاطها فى نطاق عملها.. حيث ترأس مجلس أمناء المجلس العربى لسيدات الأعمال.. لكان الاعتقاد قد ساد بأنها تسعى إلى تحقيق أغراض دعائية.. لكنها لا تسعى إلى هذه الأهداف ولا تتحرى تلك الأغراض، فالأهداف والأغراض كلها إنسانية مجردة.. وكنت قد قرأت لها عبارة تقول فيها ضاحكة، إن هؤلاء الذين تزورهم ربما لا تراهم مرةً أخرى إلا يوم القيامة إذا أراد الله تعالى!.. هذه سيدة تعطى بدلاً من الحديث عن العطاء فى التليفزيون!