قطيعة تقطع الخدمة فى البيوت

غادة شريف الإثنين 28-01-2013 21:06

شوف يا حمادة، لقد رأيت خادمات كتير وقليل، عندى وعندك وعند الجيران والأقارب، ورأيت منهن الأمينة والسارقة واللهلوبة والمتطلعة، لكن كله كوم والبت لواحظ كوم آخر.. لواحظ بقى تخدمك بعنيها.. امسحى يا لواحظ، تمسح لواحظ.. اكنسى يا لواحظ، تكنس لواحظ.. اشتمى هذا الجار يا لواحظ، تشتم لواحظ.. طب اضربى أولاد الجار الآخر يا لواحظ، تضرب لواحظ.. حاجة كده مثل زكى قدرة!.. ثم فجأة..

تجدها تخدم عند الجار الآخر الذى كانت تضرب أبناءه حتى لو كان هذا الجار هو عمو الشرير! ثم تبدأ تخدمه خدمة العبد للسيد وكأنها لم تضطهده فى يوم من الأيام!.. ثم تفاجأ سيادتك بأن لواحظ بدأت تلقى عليك ماء الغسيل، وتضرب أبناءك، لأن سيدها الجديد الذى كانت تضرب أبناءه يأمرها بهذا!.. ومثل لواحظ فى التاريخ كثيرون، لكنى دائما أتوقف أمام شخصية «فرط الرمان» الذى ضرب المثل الأعلى للتفانى فى خدمة البيوت، ويضعه التاريخ على رأس قائمة أشهر الخونة فى تاريخ مصر..

اسمه الأصلى هو «بارثلميو ينى» الرومى الذى قاد فيلقاً من الجنود لدعم الاحتلال الفرنسى لمصر.. وقد لقب بفرط الرمان لشدة احمرار وجهه.. بينما وصفه المؤرخ الفرنسى «بريجون» بأنه كان وحشا آدميا.. بدأ نجمه يسطع بعد قدوم الحملة الفرنسية، حيث وضع نفسه فى خدمة الفرنسيين.. وبعد أن شهدوا إخلاصه لهم عينوه كتخدا مستحفظان للقاهرة، أى وكيل المحافظ.. وكان يقوم بجمع الضرائب وجميع الأعمال البوليسية للحفاظ على الأمن.. يعنى ضرب وقتل ورصاص حى وخرطوش، واخدلى بالك إنت؟..

وكان يقود سريةً قوامها مائة جندى، وقال عنه الجبرتى أن أحب الأشياء إلى قلبه كانت قطع الرقاب، وطبعا يا حمادة لو كان هناك على أيامه غاز مسيل للدموع لما تورع عن استخدامه، حد يرفص نعمة ربنا؟!. ويذكر الجبرتى أن فرط الرمان قدم لجنرال فرنسى شوالا مملوءا برؤوس بعض البدو بينما كان الجنرال وضيوفه يتناولون طعام الغداء..

يعنى إنت تحمد ربنا وتبوس إيدك وش وضهر إنها رسيت معاك على قنابل غاز، وإلا كان زمان رأسك اتربطت بفيونكة واتحشرت فى شوال وطلعت المقطم على ظهر حمار.. هكذا كان يستمتع «فرط الرمان» بقطع رؤوس الفلاحين البسطاء، أو رؤوس المواطنين المقاومين للاحتلال، ثم يقدم تلك الرؤوس هدية للقوات الغازية ويقول لهم على تويتر «ميرى كريسماس»!.. وكان «فرط الرمان» سادياً يستمتع بتعذيب وإيذاء مواطنيه تزلفاً للفرنسيين خاصةً عقب ثورة القاهرة الأولى والتى أشاع الفرنسيون فى أعقابها جواً شديداً من العنف والقسوة، ما بين قتل ثم إعدام أكثر من ألفى رجل وسلب للأموال وهتك للأعراض، فوجد «فرط الرمان» فى هذا الجو مجالا لممارسة هوايته فى القتل والتعذيب حتى إنه ألقى الناس أحياء فى النيل.. وقد بلغت وحشيته ذروتها فى تنفيذه حكم المحكمة العسكرية التى أقيمت لسليمان الحلبى وزملائه فى قضية اغتيال الجنرال كليبر سارى عسكر الفرنسيين..

حيث أمر فرط الرمان بغرز الخازوق فى سليمان قبل إقامته ثم دق الخازوق فى الأرض وهو عليه!!.. وهنا أيضا عليك أن تبوس إيدك وش وضهر تانى إنك مازلت صاغ سليم، وإن مشاكلنا مع الإخوان ليس بها خوازيق.. مادية على الأقل!

لكن «فرط الرمان» لم يكن البطل الوحيد فى مسلسل الخيانة فهناك باباز وغلو، الذى كان فى عهد المماليك خادماً عند مراد بك وكان رئيساً للترسانة التى أنشأها بالجيزة، وظل فى خدمة المماليك حتى انهزموا فى موقعة إمبابة، فنقل الخدمة إلى السادة الجدد.. ولم يشفع عنده ما منحه له سادته القدامى من عطايا فأذاقهم صنوف العذاب.. ومن هنا تستنتج يا حمادة أن الطبيعة الخائنة لا تعرف الولاء ولا الانتماء، وإنما تعرف المصالح فقط، واخد بالك تانى؟.. لكن حتى فرط الرمان وباباز قد يشفع لهما أنهما لم يكونا مصريين بالدم، فما بالك بقى بمن يفعل هذا وهم مصريون؟.. عموما التاريخ يؤكد أنه مهما تفانى الخادمون فى خدمة أسيادهم الجدد فدائما تكون نهايتهم هى النهاية المعروفة للبت لواحظ عندما خدمت فى بيوت العُزَّاب!