هل تبحث عن السعادة

الدكتور مصطفى النجار الأحد 13-01-2013 21:38

ليس هنالك وقت محدد أو عمر محدد أو مكان محدد أو حتى سبب محدد للسعادة فلا تنتظرها فى أهداف محددة، بل ارحل معها من مكان لمكان ومن زمان لآخر فأنت يُمكن أن تكون سعيداً فى كل الأوقات وفى كل الحالات وفى كل الأماكن.

إن كل شىء مهما كان صغيراً إذا منحك الشعور بالسعادة فهو سبب كبير لها، كذلك الأمر بالنسبة إلى المكان فرب غرفة صغيرة فى بيت ريفى تمنحك السعادة والاطمئنان أكثر مما يمنحك إياها قصر منيف على ضفاف البحر، تعلّم من الأطفال، فهم يسعدون بأمور صغيرة نعتبرها نحن الكبار تافهة، ولكنهم يعتبرونها كبيرة بمقدار ما تمنحهم من الشعور بالسعادة.

لقد كنا فى أيام الطفولة لا نملّ السعى والحركة لتحقيق أهدافنا، وكنا نعتقد أننا إذا وصلنا إلى غاياتنا فسوف نجد كلّ الارتياح، ولكننا كنا نُصاب ببعض الخيبة بعد وصولنا، فكنا فوراً نبحث عن أهداف أخرى، ونبحث عن تحقيقها ونعود من جديد إلى الحركة والنشاط، كنا نقفز من هدف إلى آخر، والسعادة التى كنا نشعر بها كانت فى الرحلة للوصول إلى الأهداف، وليس فى بلوغها، فكان كل هدف نصل إليه يُشبه منزلاً نرتاح فيه بشكل مؤقت لكى نواصل الرحلة منه إلى غيره.

فالمرء يجد كل المتعة أثناء الرحلة، لأنها تمثل الإبداع والحركة والشوق، وفرح الرسام باللوحات التى يرسمها ينتهى مع انتهاء الرسم، كذلك الأمر بالنسبة إلى المؤلف والمخترع والعالم، لا تكتمل السعادة لإنسان إلا إذا توفرت له ثلاثة أشياء: شىء يعمله وشىء يُحبه وشىء يطمح إليه، ومع فقدانه لأى واحد منها يفقد السعادة.

إن السعادة تكمن فيما تبحث عنه وليس فيما تحصل عليه، فهى تلك اللذة التى تريد الحصول عليها، أما التى نلتها فقد انتهى أمرها، فالسعادة هى من الشوق نحو تحقيق ما تصبو إليه النفس أكثر مما هى فى الحصول عليه.

نقلت إليكم هذه الكلمات التى كتبها باحث عن السعادة طال به الطريق ورحلة البحث ولكنه أدرك فى نهاية الأمر حقيقة السعادة ومضمونها، قرأت هذه الكلمات وظللت أفكر هل نبحث عن السعادة بقدر ما نشتكى من الألم والحزن؟ هل نحاول البحث عن منابع الألم وأبوابه فى حياتنا كى نوصدها فلا نتألم ولا نشتكى مما نعانى.

إن أسوأ ما نفعل فى حياتنا هو أن نستعذب الألم ونتعايش معه حتى يصبح جزءا من تكويننا الإنسانى، لم نجرب أن نجعل الفرح والسرور جزءا من تكويننا الإنسانى، كلنا نعانى مع الحياة كل باختلاف ظروفه ولكن كم واحد منا قرر أن يعيش بلا ألم.

إننا ننتقل من مكان لمكان ونحن نحمل بقلوبنا مولدات الألم والحزن، فلا يغير المكان من حالتنا، لأننا نصطحب معنا ما يؤلمنا، تعالوا ننفض الألم ونتحدى الحزن ونصر على السعادة، وفى كل شىء مهما كان صغيرا أو مؤقتا وجه للسعادة فلنتمسك به.

سيطول عمرك حين تتحدى الألم وسيتضاعف نجاحك حين تتخلص من الذكريات وتخرج من أسر الماضى إلى حلم المستقبل فلتبحث عن السعادة.