نحتفل خلال هذا الشهر بذكرى ميلاد الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام. كل شىء له مقياس، فإذا أردنا أن نقيس أخلاق أى إنسان موجود على سطح الأرض إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، تكون وحدة الخلق هى خلق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام فهى التى يقاس بها درجة الأخلاق عند أى إنسان، لأن حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثلت فيه الإنسانية بكامل معالمها فالنبى عليه الصلاة والسلام يضرب مثلا أعلى فى كل اتجاه فعلى مر التاريخ نجد عظماء لهم باع فى العظمة، يمكن أن يكونوا مثلاً أعلى فى باب من الأبواب، إلا رسول الله فهو مثل أعلى فى كل الأبواب، مثال على ذلك فإن كل شخصية عظيمة فى التاريخ تستقرئها وتريد أن تدخل وتقترب من محرابها تقل الصورة والهالة المضيئة كلما اقتربت إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكلما اقتربت كلما زادت هيبته (هابه أقرب الناس إليه) فها هو أبوسفيان يقول: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كما يحب أصحاب محمد محمداً..
فهيأه تفوقه أن يكون واحداً فوق الجميع.. فالإنسان وهو يقف على باب الأخلاق يكتشف عجب العجاب، فالعبادات عندما نستقرئها نجد جميع ثمراتها أخلاقية..
فكان رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام يتعجب من أن من علامات الساعة أن يصبح السلام للمعرفة فقط فكان يقول «ألق السلام على من تعرف وعلى من لا تعرف».. فالأخلاق توجد فى كل العبادات فإذا نظرنا إلى الصلاة قال تعالى «إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر» فإذا لم تنه الصلاة عن الفحشاء والمنكر فليس كل مصل يصلى..
فقال تعالى فى حديثه القدسى «إنما أقبل صلاة من تواضع بها لعظمتى ولم يتعاظم بها على خلقى وألزم قلبه خوفى وقطع النهار بذكرى وكف نفسه عن الشهوات من أجلى وأطعم الجائع، وكسا العارى وآوى الغريب فذلك الذى يشرق نور وجهه يوم القيامة مثل الشمس» روى عن حاتم الأصم أنه سُئِل عن صلاته، فقال:
إذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء وأتيت الموضع الذى أريد الصلاة فيه، فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحى، ثم أقوم إلى صلاتى، وأجعل الكعبة بين حاجبى، والصراط تحت قدمى، والجنة عن يمينى، والنار عن شمالى، ومَلَك الموت ورائى وأظنها آخر صلاتى، ثم أقوم بين يدى الرجاء والخوف، وأكبر تكبيراً بتحقيق، وأقرأ بترتيل، وأركع ركوعاً بتواضع، وأسجد سجوداً بتخشع... وأتبعها بالإخلاص، ثم لا أدرى أقُبلت منى أم لا؟ فقال ابن القيم «أيها المسلم إما أن تصلى على قدر مقام الله عز وجل صلاة ترضيه وإما أن تعبد ربا على قدر صلاتك».