هى مصر بيت أبوكم؟

غادة شريف الخميس 03-01-2013 21:41

عشنا وشفنا اليوم الذى أصبحت فيه الجماعة تتهافت على رضا إسرائيل!!.. لكنى أعترف أن د. عصام العريان قد تحدى ذكاء جميع المحللين السياسيين، فلا أحد يفهم ماذا كان هدفه عندما دعا يهود مصر إلى العودة!..

وإزاء هذا الكرم الحاتمى لا أستطيع إلا أن أقول إن كامل الأوصاف فتنى!.. لكن هل مثلا د. العريان يريد أن يكون ملكياً أكثر من الملك، وبالتالى عندما وجد أن بعض المجلات العالمية قد اختارت د. مرسى شخصية العام لمساهمته فى تهدئة إسرائيل، أراد هو أن يتفوق على د. مرسى فدعا جميع يهود مصر العودة؟..

ولست أفهم أيضا بأى صفة تنحرر الرجل ووجه تلك الدعوة؟..

هو نائب رئيس حزب مثل أى حزب.. أم أنه وجه الدعوة بصفته أحد مستشارى الرئيس، وبالتالى فتلك الدعوة موجهة من الرئاسة؟

.. فى اعتقادى المتواضع أن الموضوع كله ليس إلا نفسنة وحسداً ونفاثات فى العقد.. الدكتور العريان غالباً شعر بالغيرة بعد أن رأى رضا إسرائيل السامى ينهمر على دكتور مرسى، فبادر هو بدعوة اليهود شخصياً للعودة إلى مصر لعله يحصل هو الآخر على بعض الرضا.. ويدلل على ذلك انبراء قيادى إخوانى آخر بتصريح مماثل وكأن مصر هى «بيت أبوهم»، فظهرا وكأنهما فى سباق للحصول على الرضا الإسرائيلى السامى!..

واضح أنهم حاسدين د. مرسى على العز وسيارات الحراسة، لذلك أقترح أن تلصق الرئاسة عين حسود وخمسة وخميسة على «كابوت» كل سيارة!

.. لكن ولأن الدكتور العريان لا حافظ ولا فاهم، لذلك فهو بجانب عدم إلمامه بتاريخ بلده هو أيضا لا يعرف حتى تاريخ الجماعة التى ينتمى إليها!

.. لذلك هو لا يعلم أن جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها كانت دائما ضد تواجد اليهود فى مصر. من الكتب المهمة التى تحكى عن يهود مصر كتاب «يهود مصر، التاريخ السياسى» للدكتورة زبيدة عطاالله الباحثة فى تاريخ يهود العالم العربى، ويذكر الكتاب أن جماعة الإخوان المسلمين قد أدينت فى الثلاثينيات والأربعينيات بتنفيذ عدة تفجيرات لأشهر المحال اليهودية فى القاهرة مثل «شيكوريل»، كما أنها تزعمت حملة لمقاطعة التعامل مع متاجر اليهود بكل مستوياتها.. فى ذلك كانت الجماعة فى تلك الفترة سبباً رئيسياً فى بدء شعور يهود مصر بعدم الأمان فى مصر آنذاك.

إن هجرة اليهود من مصر بدأت قبل ظهور عبدالناصر بسنوات عديدة، وقد شهدت هجرتهم كثافة عالية أثناء الحرب العالمية الثانية عندما جاءهم خبر قدوم الألمان إلى صحراء العلمين، فخشوا أن يأمر هتلر بحرقهم مثلما فعل بيهود ألمانيا، ثم حدثت موجات هجرة أخرى بعد فضيحة «لافون» التى دبرتها إسرائيل وأشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك «لافون»، وكانت تتضمن تدمير منشآت بريطانية وأمريكية بمصر لخلق اضطرابات بين مصر وكلا البلدين، لكن المخابرات المصرية كشفت تلك العملية والتى كان اسمها «سوزانا» وقبض على الأطراف المتورطة فيها وتلقوا أحكاما تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد. ثم حدثت هجرة أخرى لليهود بعد عدوان غزة 55 ثم العدوان الثلاثى، ثم بعد قرارات التأميم..

ولو كان د. العريان «شاطر» فى الحساب لكان أدرك أن كل من غادروا مصر من اليهود لابد أنهم الآن غالبا الله يرحمهم، إذن لمن يوجه بسلامته هذه الدعوة الكريمة؟.. ولو كان يظن أنه يؤدى معروفا لإسرائيل فيؤسفنى إخباره أن معظم يهود مصر توجهوا إلى أوروبا وأمريكا، فهل بسلامته ناوى يعزم يهود أمريكا وأوروبا بالمرة؟

.. وهل الدعوة تشمل إفطاراً وغذاء وعشاء أم إفطاراً فقط؟... وهل العزومة تشمل فقرات للساحر والأراجوز؟.. للأسف إن هذه الرغبة المحمومة فى الحصول على رضا إسرائيل فتحت علينا أبواب «دوشة» ما كنا نريدها أن تفتح.. والآن وللمرة العشرتاشر بعد الألف يثبت أعضاء الإخوان الحاليون أن ذكاءهم أقل من ذكاء العصفور جاء الرد اليهودى على دعوة د. العريان بأنهم يريدون استرداد قيمة ممتلكاتهم!.. بسلامته بقى سيدفع من جيبه أم أنه يعتبر ميزانية الدولة هى أيضا جيب أبوهم؟