عام 2012 بين الألم والأمل

ناجح إبراهيم الأربعاء 02-01-2013 22:02

أسوأ ما أصاب الدعوة الإسلامية فى العام الماضى شيوع خطاب التفحش.. وخطاب التكفير والتفسيق والتبديع.. والخطاب الدعوى الذى يدغدغ المشاعر بالكلمات الطنانة دون الاهتمام بالوسطية والاعتدال والمصداقية.. وكذلك تقديم المظهر على الجوهر.. والشكل على المضمون.. والتنفير على التبشير.. والتفريق على التجميع.. وهدم الآخرين على بناء الإنسان مما أدى إلى حدوث المفارقة الكبرى التى لم نتوقعها أبداً وهى أننا وصلنا إلى السلطة ولكن لم نصل بخطابنا الدعوى إلى قلوب الناس.. ووصلنا إلى سدة الحكم ولكننا لم نتربع بعد على عرش القلوب.. ولذا نحتاج مرة أخرى إلى قراءة متأنية للخطاب الدعوى للرسول (صلى الله عليه وسلم) قبل أن تتآكل البقية الباقية من مصداقية دعوتنا إلى الله.

رغم الحماقات السياسية الكثيرة التى وقعت من القوى السياسية فى 2012.. فإن أهم إيجابياته هو زوال عسكرة النظام السياسى المصرى من قمة الهرم السياسى إلى أدناه بعد قرابة 60 عاماً.. حيث كانت تعج كل الوزارات بالعسكريين مهما كان تخصصها بعيداً عن تخصصهم.. ولعل وزارات الأوقاف والإعلام والتعليم كانت نماذج صارخة لذلك.. وقد أدركت فى الستينيات مدير البريد بمحافظة أسيوط وهو برتبة مقدم.

والمهم الآن أن يحسن الإسلاميون والمدنيون فيما استخلفوا فيه..فليست هناك حصانة من الفتنة للعسكرى أو المدنى أو الليبرالى أو الإسلامى.. فكل هؤلاء يخرج لهم عفريت السلطة بعد جلوسهم على كرسيها.. والمهم أن يقاوم نزعات الشر والفساد والتسلط والعلو فى نفسه ويذبحها على عتبة قلبه.

علينا أن ندرك جميعاً أن صناديق الانتخاب تصنع لكل من يفوز فى الانتخابات بداية الشرعية، وعليه هو أن يستكمل ويستصحب هذه الشرعية بإنجازاته على الأرض.. فالصندوق يعطيك بداية المشروعية.. أما الإنجاز فيحقق لك دوامها وازدهارها وتألقها.. وإلا فقدت مصداقيتك بعد انتخابك.. فلا نكثر من الحديث عن الصناديق قبل الإنجاز الحقيقى على الأرض.

من أهم إنجازات التيار الإسلامى فى 2012 نجاحه الكبير فى عبور أزمة إقرار الدستور المصرى.. فهو بمثابة عنق الزجاجة الذى مر منه د. مرسى وحكومته والإسلاميون بصعوبة.. ويبقى علينا أن نتكاتف سوياً للعبور الاقتصادى والوصول إلى النقطة الاقتصادية الآمنة.. تمهيداً لبدء التنمية الشاملة.

الإسلاميون اليوم بحاجة إلى وضع تصور متكامل لإدارة المرحلة القادمة.. وهى أخطر من كل ما سبق.

ينبغى على الرئاسة والحكومة الاستفادة من كل دروس وأخطاء المرحلة السابقة.. وعمل مراجعة شاملة لإيجابيات وسلبيات الفترة الماضية.. فنحن فى حاجة إلى فقه المراجعة فى كل لحظة.

ينبغى على القوى السياسية المصرية أن تتخلى فى المرحلة المقبلة عن طريقتها السابقة فى إرادة وصناعة الصراع السياسى الهدام بينها إلى حسن إدارة التنافس السياسى البناء بينها.. وعليها أن تنتقل من «كى جى وان» سياسة إلى مسؤولية دولة بحجم مصر.