هل تعلم عزيزى القارئ متى تكون سيادتك فى منتهى الشعور بالأمان؟.. عندما تكون نائماً.. لأنك لو خائف أو قلقان أو تعبان أو قرفان أو حزنان، فكل هذه أسباب ستجعل النوم بعيداً.. لكن تخيل بقى نفسك فى هذا الشتاء القارس وأنت غطسان كده فى السرير.. ومتدثر بسبعتاشر بطانية ولحافين، وتلبس فى كل قدم شرابين وتضع على رأسك زعبوطين وتغط فى نوم عميق خ خ خ خ خ خ خ خ..
ثم فجأة! تستيقظ! لأنك على حرف السرير وهتقع!.. بالقطع ستستيقظ لا شعورياً وأنت لديك «هبدة» فى قلبك من الخوف والمفاجأة، أليس كذلك؟.. هذا هو الآن حال المصرى الطيب الذى أراد الاستقرار!..
مصر بعد ثورة يناير، رفعت رأسها للسماء وأخذت نفساً عميقاً لتستنشق هواء نظيفاً لم تشعر بوجوده من قبل.. وتخيلت أن اللى فات ننساه وننسى كل قساه، وشباكنا ستايره حرير، وسوق بينا ياأسطى عالكورنيش وحاجات كده.. فإذا بها تفاجأ بأنه ربما.. قد يكون.. وشكلها كده..
أن القادم أسوأ كثيراً مما فات.. لكن بينى وبينك يا حمادة، أسوأ ما فى الموضوع هو ذلك الذى يستمر فى دفعك لحرف السرير رغم صراخك فيه بأن يتوقف لأنك خلاص بتقع، بينما هو كالقطار مستمر فى الدفع!.. ورغم أنك بدأت تلوح بقدميك فى الهواء لتريه أنك خلاص أهو أصبحت خارج السرير، وأنك تتشعبط فى الملاءة لأنك بالفعل تقع، إلا أنه مستمر فى دفعك بكل ما فيه من عزم وقوة!.. ثم فجأة يتبين لك أن هذا الذى يدفعك إنما يفعل ذلك بمنتهى الغشومية والغرور وبجهل شديد بطبيعة المصريين!.. أتدرى بمن يذكرنى؟.. يذكرنى بحبيبك يوسف بطرس غالى وزير المالية..
هذا الرجل فى الأعوام الأخيرة من حكم مبارك دفع المصريين دفعا لحرف السرير بمنتهى الإستقواء، فى صورة ضرائب متوالية مع استهانة شديدة بالتظاهرات آنذاك.. ولأن ساعة القدر يعمى البصر، فإن هذا الرجل بضرائبه العديدة المتعجلة اغتر فى صبر المصريين وتصور أن هذا الصبر عليه هو قوة منه، فتمادى..
وفى حديث الذكريات هذا تجدنى دائما أتوقف عند يوسف بطرس الممهد لثورة يناير لأنه حفيد بطرس باشا غالى القاضى الذى حكم على المصريين بالإعدام فى دنشواى، ذلك الفعل الذى فجر بدوره ثورة عرابى!!..
تفحش الضغط على الغلابة هو المفجر لأى ثورة فى أى زمان.. لكن لأننا الآن أمام جماعة مستعجلة دايما، فتجدهم الآن يختصرون سنين مبارك فى عدة أشهر، فيصرون على دفع المصريين لحرف السرير لتفجير ثورة تكتب بإسمهم، همّه يعنى أقل منها؟!..
ولأنهم غاويين أفلام الكاوبوى فتجدهم ينسجون سيناريوهات خطف وتنصت، وأخيرا يفكرون فى ترخيص السلاح لشبابهم.. وأتعجب كثيرا.. كيف لليد التى تمسك المصحف أن تريق دماء ابن بلدها.. لكنى سرعان ما أدرك أنها مثل اللسان الذى يقرأ فى المصحف ثم يشتمك ويشتم اللى يتشدد لك!..
لكن الشهادة لله أن النظام الحالى تفوق على سابقه فى أنه بيجيب م الآخر سريعا.. فبينما كان السابق يشغل نفسه بجمع «نسوان» ليتحرشن بالرجال المحترمين فى طوابير الانتخابات، تجد النظام الحالى لسان حاله «احنا لسه هنجيب نسوان ولسه هنتحرش، إقطع النور على اللجان يا عم»!..
لكنك أيضا لا تستطيع أن تنكر جهود الجماعة فى توثيق أواصر الوحدة الاجتماعية، فإذا كان هناك عجز قضاة فى إحدى اللجان، فلا ضير من أن يقوم بالإشراف مدرس، أو حتى منجد، وربما نسمع عن مبيض محارة شارك فى الإشراف، أليسوا جميعا إخوة فى الإيمان؟!!.. ولكن، وحتى لا تتهمنى بسوء الظن، هناك أيضا من يتم دفعه لحرف السرير دون قصد.. مثل ذلك الزوج المسالم المستغرق فى النوم بينما زوجته تفرك وتتقلب فتدفعه من فوق السرير، فلا ينتبه إلا وهو يرتطم بالأرض، فيلوم زوجته وهو يحاول القيام:
«هو كل يوم توقعينى كده؟».. فتجيبه دون أن تفتح عينها: «إتلم واطلع كمل نومك أو خليك نايم ع الأرض».. ويبدو كده أن الجماعة تنتظر من المصريين رد فعل ثالث وهو أنهم يناموا برة على بسطة السلم!