انقطاع الكهرباء يعيد الأمريكيين للقرون الوسطى ولسان حالهم يترحّم على «أديسون»

كتب: هبة القدسي الثلاثاء 03-07-2012 16:39

عاد الأمريكيون، في ولايات الساحل الشرقي، قرونا إلى الوراء، وأصبح لا مفر من التعامل مع غضب الطبيعة والأمر الواقع، والرجوع للأساليب التقليدية في التعايش مع الحياة، بدون كهرباء وتكييف وهواتف وإنترنت وتليفزيون... إلخ.

بدأ ذلك مع هبوب العاصفة الرعدية مطلع الأسبوع الحالي، بسرعة 120 كيلومتر في الساعة، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من 3 ملايين عميل في كل من واشنطن وفريجينيا وميريلاند، فضلا عن سقوط الأشجار، بما أدى إلى خسائر جسيمة في المنازل وقطع الطرق.

ويتزامن انقطاع الكهرباء مع موجه تجاوزت فيها درجات الحرارة 41 درجة، مما زاد من معاناة أكثر من 12 مليون أمريكي. وأعلن حكام ولايتي فيرجينا وميريلاند حالة الطوارئ، وطالبوا سكان ولايتهم بالصبر واليقظة ومحاولة تحمل آثار العاصفة الرعدية والتكاتف لحين انتهاء الأزمة.

توقف الكهرباء طال بالطبع إشارات المرور في الشوارع، وأجهزة ضخ الوقود في محطات الإمداد، مما تسبب في فوضى مرورية وأزمة في الشوارع. كما أغلقت البنوك والمحال الصغيرة أبوابها بعد تعطل ماكينات سحب الأموال عن العمل، وخفضت بعض محلات البقالة الكبيرة من أسعار  بعض السلع والفاكهة سريعة التلف في محاولة لجذب الزبائن لشرائها. وأعلنت بعض الفنادق توقفها عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء عن ماكينات وأجهزة الحجز وعن المطابخ والمطاعم لتقديم الطعام للنزلاء.

باختصار عادت الحياة إلى الوراء أكثر من 100 عام للوراء، مما أدى لتزايد شكاوى السكان لشركات الكهرباء، للضغط عليها من أجل إصلاح التيار. ولأن العاصفة تسببت في تدمير البنية التحتية لشلكة الكهرباء، خرج مسؤلو الشركات يعلنون أن إصلاح التلفيات سيستغرق عدة أيام، وربما أسبوعا بأكمله.

وسائل الإعلام سعت إلى تقديم النصح للمواطنيين، على لسان المسؤولين، بالاستفادة من أوقاتهم والذهاب إلى أماكن استجمام، مثل المولات وأماكن التسوق التي تعمل بمولدات كهرباء قوية، للاستمتاع بالتكييف من ناحية، وشحن أجهزة هواتفهم المحمولة والكومبيوتر من ناحية أخرى. كما دعتهم إلى توخي الحذر الشديد عند قيادة السيارات، لاسيما مع توقف إشارات المرور.

ويبدو أن عددا كبيرا من المواطنين استجاب لتلك النصائح فاكتظت المراكز التجارية بالمواطنين، بين من يتسوقون، ومن يقومون بشحن أجهزتهم الكهربائية. لكن الكثيرون تخوفوا من إغراء التخفيضات الخيالية في الأسعار، والتي قد ترغمهم على إنفاق ما لديهم حتى آخر «بنس».

هذا عن الحياة داخل المولات التجارية، أما السير في الطرق المسدودة بأفرع الأشجار وآثار الحطام التي خلفتها العاصفة الرعدية يمينا ويسارا، يشعرك أنك عدت للوراء مئات السنين، حيث القرون الوسطى قبل أن يكتشف «توماس أديسون» الكهرباء.

الأمريكيون اليوم يذكرون أديسون بإجلال، ويتعجبون كيف يمكن لدولة من أكبر دول العالم وأكثرها تقدما أن تقف عاجزة أمام غضب الطبيعة، لتبدو كواحدة من دول العالم الثالث تعاني من انقطاع الكهرباء لعدة أيام.

وكعادة أهالي القرون الوسطى، لجأ الكثيرون إلى إشعال النيران مستخدمين الحطب والفحم، فضلا عن استخراج الأطعمة واللحوم من الثلاجات مقطوعة الكهرباء، والقيام بحفل شواء للانقضاض على اللحوم قبل أن يلحقها التلف. كما يستخدمون الشموع للإضاءة وتسلية الأطفال بحمامات السباحة، هربا من  موجه الحر وتوقف المكيفات عن العمل.

ويكاد الأمريكيون هذه الأيام لا يتحدثون سوى عن نوادرهم مع العاصفة، ورواية قصص نجاتهم من كوارث محققة. كما لا يتوقفون عن التندر على أقرانهم في وسط وغرب الولايات المتحدة الذين لم يتأثروا بتداعيات انقطاع التيار الكهربائي أو كانوا يملكون مولدات كهربائية قوية.

وتقول «لي كارول»، وهي أمريكية من أصل لبناني، إن «8 أشجار سقطت في حديقة منزلها بمنطقة باتومك في ولاية ميريلاند». وتضيف «سقطت إحدى الأشجار على غرفة الطعام الخارجية ودمرتها بالكامل بعد ثوان قليلة من انتهاء أسرتها من طعام العشاء».

وروي «بيل» المقيم في واشنطن أنه استطاع عقد صفقه مع جاره الذي لا يزال لديه كهرباء بأخذ وصلة كهرباء إلى ثلاجته حتى لا يفسد الطعام، «لكن الحظ السيء لاحقني، حيث مني جاري بانقطاع في الكهرباء في اليوم التالي مباشرة من الصفقة».

أما «ألكس» فقد قرر أن يذهب إلى عمله في إحدى بنايات العاصمة خلال العطلة الإسبوعية، «ليس حبا في العمل، ولا إحساسا بالمسؤولية»، كما يقول «إنما لأجلس في مكتبي المكيف أمام شاشة الكمبيوتر وجهاز التلفزيون، والاستلقاء أحيانا على أريكة الاستقبال». وختم «لاشك أن كل لك سيكون أكثر متعة من الجلوس بين 4 جدران في منزلي بدون أي أجهزة كهربائية».