المواطن يحكم

الدكتور مصطفى النجار الأحد 04-11-2012 21:32

تختلف أنواع الديمقراطيات من بلد لآخر، وتتطور هذه الأنظمة من خلال الممارسة والتجريب وإعادة التقييم وتطوير النظام نفسه وآلياته، ليحقق الهدف الأسمى للديمقراطية وهو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، ويختار ما يناسبه.

ولا تعنى عملية الانتخاب لممثلى الشعب أو حكامه انتهاء دور الجماهير فى الاختيار وأخذ القرارات ومشاركة من يحكمونهم ومن يمثلونهم فى عملية اتخاذ القرار، لذا فأفضل صور ممارسة الديمقراطية هى الديمقراطية التشاركية التى لا ينتهى فيها دور المواطن بانتخاب من يمثله أو يحكمه، بل يستمر ولا يتوقف أبدا طالما أن هذه القرارات ستؤثر على حياة المواطن الذى يدفع ضرائبه لهذه الحكومة التى تدير البلاد. تقوية مشاركة المواطنين فى اتخاذ القرار ترفع نسب نجاح البرامج التنموية الموجهة إلى المواطنين المستهدفين.

للحكم المحلى ثلاث وظائف ﺭئيسية هى:

أولا: ﺍﻟﺘﻤﺜﻴل الديقمراطى وتأمين ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ فى الإطار المحلى.

ثانيا: تأمين الخدمات ﻟﻠﻤﻭﺍطنين فى نطاق سكنهم وعملهم وفى مشاركتهم من أجل توزيع ﺍﻷﻋﺒﺎﺀ بين السلطة المركزية والسلطات ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ.

ثالثا : ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭى ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ المحلى، ارتباطاً بالرؤية التنموية ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻭﻁنى وكل منصب له صلاحيات واسعة تؤثر على حياة الناس لا بد أن يكون بالانتخاب لا التعيين لأن من يأتى بالانتخاب سيظل مثابرا ومجتهدا خوفا على ثقة ناخبيه وإرضاء لهم.

نظام الحكم المحلى فى مصر يمثل نموذجا لكل ما هو بعيد عن نموذج الديمقراطية التشاركية فلا منطق فى عدم انتخاب المحافظين ورؤساء الأحياء والعمد رغم تأثير قراراتهم على المواطنين، ومن يتعلل بأن رئيس الجمهورية هو رأس السلطة التنفيذية ومن حقه تعيين هرم السلطة التنفيذية بالكامل نقول له إن توزيع المسؤوليات بشكل غير مركزى مع استمرار المحاسبة والمتابعة من مستويات شعبية مختلفة هو الضامن الأساسى لعدم تكلس الجسد المركزى وتبريره بعد ذلك للفشل والإخفاق، لا نريد أن نحاسب رئيس الجمهورية على رصف الشوارع، وإنارة أعمدة الكهرباء، وعلى أكوام القمامة المتزايدة يوما بعد يوم، نريد فصل المسؤوليات.

مسودة الدستور جاءت محبطة بالنسبة لجزء الحكم المحلى رغم حاجتنا إلى أن يتضمن الدستور مواد واضحة معنية بإقرار أسس الحكم المحلى الحديثة، ولا يمكن ترك هذا الجزء الحيوى لنظام السلطة فى مصر تبعا لقانون تتحكم فيه أغلبيات حزبية مؤقتة ستفصل قانونا على مقاسها الحزبى.

عصب الدولة وتروسها الأكبر تأثيرا فى الجهاز المحلى بكل وحداته ولن تتحرك مصر للأمام إذا لم يبدأ العمل من أصغر وحدة إدارية فى الهرم التنظيمى.

إن الذهاب إلى المستقبل بأدوات الماضى لن يجعل هذا المستقبل كما نريد بل سيجعله صورة باهتة من الماضى المنصرم، لذلك يجب الاعتناء الفائق بجزء الحكم المحلى فى الدستور.