هل يجبر التنظيم الدولة على الحرب؟

ناجح إبراهيم الأربعاء 26-09-2012 21:15

هل يجوز للآحاد أو الجماعات أن يقوموا بالهجوم العسكرى على دولة مجاورة معاهدة دون إذن أو علم حاكم هذه الدولة أو جيشها أو أجهزتها الاستراتيجية المعنية؟

هذا السؤال وغيره مما هو على شاكلته يفرض نفسه على الساحة الإسلامية بعد الهجمات المتكررة التى قامت بها بعض التنظيمات الإسلامية على الأرض المحتلة انطلاقاً من الأراضى المصرية.. وقد أجبت عنها فى كتاب ألفته منذ عشر سنوات سميته «تطبيق الأحكام السيادية من اختصاص الحكام».. وضربت أمثلة على الأحكام السيادية بإعلان الحرب أو الصلح والمهادنة مع الدول أو تطبيق الحدود وما شابه ذلك من الأحكام السيادية التى لا يجوز للأفراد ولا الجماعات أو الأحزاب السياسية إعلانها.. فضلاً عن إردافها بالهجوم العسكرى المتكرر على دولة أخرى مادام هذا الهجوم من أراضى الدولة.. لأن ذلك يعد استلاباً لحق الحاكم الأصيل فى أهم أمور السيادة وأخطر القرارات المصيرية التى قد تؤدى إلى حرب شاملة.. كما يعد ذلك إجباراً للحاكم والدولة على دخول حرب لا يريدها ولا يرغبها، وليس مستعداً لها.

وقد نقل صاحب المغنى - وهو أعظم كتاب فى الفقه المقارن - عن العديد من الفقهاء القدامى ما يعنى أن قائد الجيش المسلم لا يدخل فى الحرب إلا إذا غلب على ظنه الظفر.. وأوجبوا عليه الانسحاب من المعركة إذا غلب على ظنه الهزيمة أو تدمير جيشه.. كما فعل «ابن الوليد» يوم انسحب فى «مؤتة»، وحينها لقبه الرسول العبقرى - صلى الله عليه وسلم - بـ«سيف الله المسلول» كأعظم لقب عسكرى فى التاريخ.

أما الذين يستدلون بإغارة الصحابى «أبوبصير» على قوافل قريش بعد صلح الحديبية، فقد فاتهم أن هجومه كان من خارج حدود المدينة وبعيداً عن سلطتها.. أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد عمل بمقتضى المعاهدة مع قريش فلم يستطع إبقاءه فى المدينة.. ولما عاد إلى المدينة بالاتفاق بين النبى وقريش لم يقم بأى هجوم.

أما من ينطلق من الدولة المصرية ليهجم على أى دولة أخرى فذلك يعد استلاباً شرعياً وقانونياً لأعظم حقوق السيادة للحاكم وجيشه من جهة، وتوريطاً للدولة المصرية فى أزمة داخلية مع هؤلاء، أو فى حرب خارجية قد لا ترغبها ولا تريدها ولم تتجهز لها.. وقد تجهض كل مشروعاتها التنموية من جهة أخرى.

وفى هذه المسألة، تتوافق الشريعة الإسلامية مع أدبيات الدولة الحديثة التى تمنع الأفراد والجماعات من حمل السلاح.. فضلاً عن أن يقوموا بالهجوم من خلال أراضى الدولة على دول أخرى مهما كانت سوءات هذه الدول ما لم يأذن الحاكم بذلك.

وقد كان «عبدالناصر» واعياً لهذه النقطة حينما أراد الشهيد العظيم بطل الصاعقة إبراهيم الرفاعى القيام مع مجموعته «39 قتال» بالإغارة على الإسرائيليين بعد معاهدة روجرز، التى توقف فيها القتال بين مصر وإسرائيل لمدة عام، فما كان من «عبدالناصر» إلا أن أمر «الرفاعى» ومجموعته بنزع الرتب العسكرية مؤقتاً وعدم الإغارة من الأراضى المصرية، ولكن من أرض سيناء المحتلة.. واستمر ذلك حتى جاءت حرب 6 أكتوبر فغادروا سيناء المحتلة وتسلموا رتبهم العسكرية، ودخلوا ضمن تشكيلات الجيش مرة أخرى.. وكانوا نعم الأبطال... وللحديث بقية إن شاء الله.