■ هناك قاعدة مهمة يتبعها كل حكام مصر فى القديم والحديث مفادها:
■ «لئن أكون حاكماً قوياً مرهوب الجانب يكرهنى أو يحقد علىَّ البعض.. أفضل من أن أكون حاكماً ضعيفاً يتعاطف معى الكثيرون أو يبكون من أجلى.. فالسياسة لا تعرف الضعفاء».. وقد طبق مرسى هذه القاعدة بقراراته الأخيرة التى أقال فيها مجموعة من أشهر القادة العسكريين المصريين.
■ كان الحكم فى مصر قبل قرارات مرسى برأسين.. والآن أصبح برأس واحد.. وقديما قال المصريون «المركب التى فيها ريسين تغرق».. والمركب الآن فيها «ريس» واحد.. والمهم أن يكون الريس الواحد رباناً ماهراً.. لأنه الآن المسؤول الأول والأخير عن كل تقصير أو خلل أو مشكلة تحدث فى مصر.. وسينسب إليه أيضا كل نجاح سياسى أو اقتصادى أو تنموى يحدث فى مصر.. فقد أصبحت مفاتيح حكم مصر الآن بيده دون منازع.. وبعد اليوم لن يستطيع أحد أن يتذرع فى أى فشل أو تقصير سياسى بالفلول أو المجلس العسكرى أو غيره.
■ إقالة المشير طنطاوى ورئيس الحرس الجمهورى والمخابرات العامة والشرطة العسكرية هو بداية النهاية لحكم العسكريين لمصر.. والبداية الحقيقية لحكم المدنيين والإخوان لمصر.. وسيطرة الإسلاميين على مفاصل الدولة، بعد خضوع الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية السيادية الكبرى لهم.
■ والمهم الآن أن يثبت الإسلاميون أنهم على قدر المسؤولية وأنهم لن يظلموا من يخالفهم الرأى.. ولن يقصوا منافسيهم السياسيين.. وأن يذيقوا الشعب المصرى تمرة العدل السياسى والتنمية والرخاء الاقتصادى والعدالة الاجتماعية.. ويرحموه من جمرة الظلم والبغى والأنانية والفساد والاستبداد التى ذاقوها من قبل طويلاً.. المهم أنهم الآن فى اختبار قاس وشاق وصعب وليسوا فى نزهة خلوية.. ومن ذاق طعم الظلم والإقصاء عليه أن يعرف قيمة العدل والإنصاف مع الآخر.
■ كان الحكم فى بداية حكم الرئيس السادات برأسين.. السادات من جهة.. ووزراء ناصر السابقون الذين كانوا يكرهون السادات ويضادون سياسته من جهة أخرى.. ورغم أن هذه المجموعة التى سميت وقتها مراكز القوى كان منها وزراء الحربية والداخلية والإعلام ومدير المخابرات.. إلا أن السادات استطاع أن يقصيهم جميعا فى ضربة استباقية مفاجئة وسريعة.. وذلك بعد أن ضمن ولاء رئيس الحرس الجمهورى وقتها الفريق الليثى ناصف، الذى استطاع أن يكون الذراع اليمنى القوية الضاربة ضد خصوم السادات والمعين الرئيسى فى القضاء عليهم وإنهاء محاولتهم للانقلاب على السادات.. والغريب فى الأمر أن الليثى ناصف مات فى ظروف غامضة فى لندن ولم يكشف عنها حتى اليوم.
■ والخلاصة أن رئيس الجمهورية فى مصر يستطيع عادة هزيمة أى منافس له حتى لو كان من العسكريين.. فالجيش فى مصر يختلف تماماً عن الجيش فى تركيا.. وهو ينحاز عادة إلى الشرعية والرئاسة، مهما كانت الصعوبات التى تواجهها.
■ وقد استطاع مبارك فى بداية حكمه فى منتصف الثمانينيات إقصاء المشير أبوغزالة بسهولة، رغم سطوع نجمه فى الجيش ورغم علمه العسكرى الغزير وقدراته السياسية والاستراتيجية الكبيرة.. وجعله ينزوى فى بيته.. ولا يستطيع حتى أن يرشح نفسه للرئاسة حينما فتح الباب أمام الجميع سنة 2005م.