تواصلت المظاهرات في العاصمة السودانية «الخرطوم»، لليوم السابع على التوالي، لرفض ارتفاع أسعار المواد الغذائية، في الانتفاضة التي بدأها طلاب جامعة الخرطوم يوم 16 يونيو.
وغطى الدخان الأسود، مساء الجمعة، سماء العاصمة السودانية، وانتشرت رائحة الغاز المسيل للدموع الذي استخدمته الشرطة لتفريق التظاهرات التي اتسع نطاقها.
وسجلت تظاهرات عدة في أنحاء العاصمة ردد المشاركون فيها هتافات من بينها: «لا لزيادة أسعار الغذاء»، بينما تحول هذا الشعار في أحد أحياء جنوب العاصمة «الشعب يريد إسقاط النظام».
وفي الديم، وهو حي آخر في الخرطوم، تصاعد الدخان الأسود من الإطارات المشتعلة ورشقت مجموعات من المتظاهرين بالحجارة مئات من عناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
ووصلت التظاهرات لفترة قصيرة إلى حي «تو»، الذي يعيش فيه السودانيون الأغنياء، ويضم مقار السفارات الأجنبية.
وفي مدينة أم درمان على الضفة الأخرى من نهر النيل، صفق نحو 200 متظاهر هاتفين: «حرية»، وعمد بعضهم إلى إحراق إطارات ورشق الشرطيين بالحجارة، فردوا عليهم أيضا بالغاز المسيل للدموع واستخدموا الهراوات والسياط.
وقال لطيف جوزف صباغ، عضو المكتب السياسي في حزب الأمة المعارض، إن «الطلاب ليسوا وحدهم» الذين نزلوا إلى الشارع، وأضاف أن «هذه التظاهرات كانت متوقعة، الوضع الاقتصادي للسودان سيئ للغاية».
وأضاف: «لا أحد يمكنه تحديد» الحجم الذي ستصل إليه هذه الحركة، لافتا إلى أن حزب الأمة يحاول التفاوض مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم «في محاولة لمعالجة المشاكل وتحسين الوضع في شكل سلمي».
ولجأت الشرطة إلى القوة في سنار، جنوب البلاد، لتفريق تظاهرة ضمت 300 شخص، حسبما ذكر شهود عيان، وتحدث سكان عن تجمعات في الأبيض، 400 كلم جنوب غرب الخرطوم، وواد ميداني 200 كلم جنوب شرق العاصمة.
وتنظم التظاهرات احتجاجا على التضخم الذي بلغت نسبته 30% في مايو، حسب الأرقام الرسمية، ويمكن أن ترتفع مع خطة التقشف التي أعلنتها الحكومة، الأربعاء، خصوصا رفع الدعم عن المحروقات.
والسودان الذي كان في شبه حالة إفلاس، خسر مليارات الدولارات من العائدات النفطية بعد انفصال الجنوب الذي يملك ثلاثة أرباع الاحتياطي النفطي، في يوليو 2011.
وبدأت الاحتجاجات الطلابية على غلاء الأسعار، السبت الماضي، في جامعة الخرطوم، أكبر الجامعات السودانية، ثم امتدت إلى جامعات أخرى احتجاجا على تدهور الوضع الاقتصادي الذي أجبر الحكومة على إجراء خفض كبير في النفقات أدى إلى ارتفاع كلفة المعيشة.
ومنذ التجمع الأول الذي نظم في 16 يونيو ردت السلطات باستخدام قوات مكافحة الشغب لتفريق المتظاهرين.
وأدانت منظمة العفو الدولية في بيان، مساء الجمعة، قمع التظاهرات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون الذين يقومون بتغطيتها.
واعتقل عدد كبير من نشطاء الأحزاب السياسية وحركات الشباب في الأيام الاخيرة، وقالت المنظمة إنه تم الإفراج عن معظمهم بسرعة، لكن هناك عددا من الموقوفين الذين اتهموا وآخرين لم يعرف مصيرهم.
وأضافت منظمة العفو أن «الحكومة لا تتسامح إطلاقا مع التظاهرات»، مشيرة أيضا إلى توقيف صحفيين أجانب أفرج عنهم بعد احتجازهم لساعات، مثل سايمن مارتيلي الذي يعمل لوكالة الأنباء الفرنسية، والزميلة سلمى الورداني، التي تعمل مع «بلومبرج».