تصدرت جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، بين الدكتور محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين، والفريق أحمد شفيق، العديد من الصحف ووسائل الإعلام العالمية، وركزت أغلبها على حيرة وخوف الناخبين من كلا المرشحين ومصير ثورة يناير فى ظل حكم أى منهم، خاصة فى ظل عدم وجود دستور أو برلمان، ورصدت صوراً محبطة للانتخابات ونتائجها، ومستقبل الديمقراطية فى مصر بعد الثورة.
وقالت وكالة أنباء «أسوشيتد برس»، إن المصريين ذهبوا للإدلاء بأصواتهم مع شعور بخيبة أمل نحو المستقبل، مشيرة إلى أنه أياً كان الفائز فإن جنرالات المجلس العسكرى سيبقون على رأس السلطة، مما يكشف عن أن ثورة 25 يناير قد ضلت طريقها، لافتة إلى أن الانتخابات بالنسبة للثوار تبدو وكأنها مزحة قاسية، حيث سحقت حلمهم فى مصر جديدة حرة وديمقراطية والتخلص من كل آثار النظام القديم.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن المصريين اصطفوا أمام مراكز الاقتراع فى الحر الشديد، لاختيار خليفة الرئيس السابق حسنى مبارك فى جو تخيم عليه سحابة من الغموض وعدم اليقين مع عدم وجود دستور، أو برلمان. ورأت الصحيفة أن المجلس العسكرى يحاول حماية مصالحه الاقتصادية والسياسية على حساب الديمقراطية الحقيقية.
وقالت مجلة «نيوزويك» إنه بغض النظر عن النتيجة، فإن الأحداث التى طرأت على مدى الأشهر القليلة الماضية تكشف أن أجهزة الدولة من النظام السابق، بما فى ذلك القوات المسلحة، وأمن الدولة والقضاء ستستمر فى ممارسة نفوذ كبير فى البلاد لسنوات قادمة.
ورأت المجلة أن بقاء «الدولة العميقة» فى مصر يشكل مخاطر لكلا المرشحين، موضحة أن «شفيق» سيستفيد من دعم هذه المؤسسات القديمة، ولكن هذا التحالف من المحتمل أن يقوض شرعيته الديمقراطية ويمكن أن يؤدى فى نهاية المطاف لاندلاع ثورة أخرى. وتابعت: «وبالنسبة لـ(مرسى)، فإن الخطر هو أكثر واقعية، حيث إنه إذا حاول الحد من نفوذ تلك المؤسسات، خصوصاً الجيش، فسيواجه انقلاباً».
ورأت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» أن حكم المحكمة الدستورية المصرية بحل البرلمان قد نزع صفة الديمقراطية عن جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، واصفة الحكم بأنه بمثابة «انقلاب ناعم»، وخطوة إلى الوراء.
وتحت عنوان «مصير الثورة على المحك بينما مصر تنتخب الرئيس»، تساءلت صحيفة «نيويورك تايمز» عما إذا كان سيحاول المجلس العسكرى الإبقاء على السلطة حتى آخر لحظة، وهل الانتخابات ستكون علامة فارقة فى التحول إلى الديمقراطية أم أنها مجرد واجهة تخفى وراءها إعادة ظهور النظام القديم؟.
وقالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» إن جميع العواصم العالمية تتابع الانتخابات الرئاسية فى مصر، وما ستؤول إليه خلال الأيام القادمة من أجل إعادة صياغة سياساتها فى الشرق الأوسط بحسب ما ستسفر عنه تلك الانتخابات من نتائج، موضحة أن فوز «شفيق» سيخدم المصالح الأمريكية بشكل كبير.
وقالت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية إنه لا يهم كثيراً الفائز فى الانتخابات، وأضافت أن «اندلاع انتفاضة أكثر دموية أمر لا مفر منه». وأضافت أن نتيجة الثورة المصرية لن تكون متسامحة، وسيتم تقرير مصيرها فى الشوارع مثلما كان هو الحال بالنسبة لكل الثورات، والثورة المصرية «لا تقترب من نهايتها، ولكنها فى بدايتها».
وفى الصحف البريطانية، قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» فى افتتاحيتها إن الجيش والإسلاميين وميدان التحرير - الذى يثور بشكل مستمر- تسببوا فى إصابة البلد بالشلل منذ الإطاحة بحسنى مبارك، وأضافت أن المصريين سينتخبون رئيساً بدون دستور أو برلمان يقيده، وهو ما يمنح «فرصة حياة جديدة للثقافة الفرعونية التى قامت الثورة لدفنها».
ووصفت صحيفة «جارديان» البريطانية أجواء جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية بأنها «سامة»، وذلك وسط حالة من الغضب بشأن «سرقة الثورة المصرية»، على حد قولها. وأضافت الصحيفة أن الحلم المصرى بالديمقراطية تلاشى مع اضطرار الناخبين، الذين يشعرون بخيبة الأمل، فى جولة الإعادة إلى الاختيار ما بين الحكم الإسلامى أو عودة النظام القديم.
وتابعت الصحيفة «هناك مزاج سياسى يزداد سمية يجتاح مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق، وقد وصل إلى مستويات مخيفة مع جولة الإعادة»، مضيفة أن العملية الانتقالية «الفاشلة» التى أشرف عليها المجلس العسكرى أدت إلى استقطاب المجتمع.
وفى فرنسا، رأت صحيفة «لوموند» أن «مرسى» إذا فاز بانتخابات الرئاسة فسيكون بمثابة «المسمار الأخير فى نعش الدولة العسكرية». وقالت فى تقرير بعنوان «60 عاماً من المواجهات بين الجيش والإسلاميين»، إن «السيف والهلال، النمس والكوبرا، الدبابة والمسجد، كلها استعارات يتم استخدامها للتعبير عن طبيعة العلاقة بين التيارين السياسيين الوحيدين منذ عام 1952». ووذكرت قناة «فرانس 24» أن الناخب المصرى يواجه معضلة فى الجولة الثانية للانتخابات، حيث يبدو الاختيار بين «مرسى» و«شفيق» مربكاً ومحيراً للكثيرين. وأضافت أن القوى الثورية لا ترى فى أى من المرشحين أنه يعبر عن ديمقراطية حقيقية.
واعتبرت صحيفة «لونوفويل اوبزيرفاتور» أن مصر تنتظر عودة «فرعون جديد». وقالت إن المصريين عادوا إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس فى غياب دستور أو برلمان، وهو ما يجعل الرئيس الجديد يتمتع بسلطات غير محدودة، ربما يحسده عليها حسنى مبارك، الرئيس السابق.
وقالت صحيفة «لوبوان»، تحت عنوان «مصر تحبس أنفاسها»، إن قرار حل مجلس الشعب سيطر على أجواء جولة الإعادة، وأضافت أن الاضطرابات السياسية يمكن أن تتحول إلى مواجهة بين الجيش والإسلاميين.
وفى ألمانيا، ذكر موقع «دويتشه فيله» الإخبارى فى تقرير تحت عنوان «خيبة الأمل فى الثورة» أنه بعد عام ونصف يبدو أن مصر الثورية «لا صوت لها»، وأضاف أنه بعد انتشار روح التفاؤل والأغانى الثورية والحديث عن الحرية، يبدو أن المتظاهرين قد «خسروا صوتهم»، وسيظل حلمهم بالحرية «ضربا من الخيال». ووصف التقرير كلا المرشحيْن بـ«ورثة مبارك»، وقال أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة أبردين، والحاصل على درجة الزمالة فى المركز الأوروبى للشؤون الدولية، أندريا تيتى، إنه «للوهلة الأولى سنجد أننا نستطيع التمييز بين المرشحين بشكل واضح إلا أننا فى نهاية المطاف، سنجد أنهما ليسا سوى وجهين لعملة واحدة، وكلاهما ينتمى إلى عصر مبارك».
أما صحيفة «فيلت أونلاين»، رأت أن الثوار المصريين قد تعبوا وأصيبوا بالإحباط، ودللت على ذلك بعدم النزول للاعتصام فى الميادين بشكل ملحوظ بعد حل البرلمان، خاصة أنهم منشغلون بالاختيار ما بين «المطرقة والسندان»، فى إشارة إلى المرشحين الرئاسيين.
وقالت صحيفة «بازلر تسايتونج»، إن الخوف يخيم على انتخابات الإعادة، كما أن انعدام الثقة واضح بين الناخبين المصريين. وأكدت صحيفة «دير شتاندرد» إن مصر تسلك طريقاً «وعراً» للانتخابات الرئاسية، وتناولت الصحيفة لمحة عامة عن الأشهر الستة الماضية فى مصر، وما جاء بها بداية من الحملات الانتخابية والقوانين الجديدة، وقرارات المحاكم، المثيرة للجدل.
وفى أسبانيا، أكدت صحيفة «الباييس» أنه مهما كانت نتيجة الانتخابات لن ترضى الثوار الذين نادوا بالحرية فى ربيع العام الماضى، لأن «مرسى» و«شفيق» لا يمثلان مطالبهم وتوقعاتهم. ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية الإسبانى مانويل بيريز قوله إن الولايات المتحدة دعت المجلس العسكرى بنقل السلطة بالكامل لحكومة مدنية منتخبة بشكل ديمقراطى بعدما أظهرت نتائج الجولة تفوق «مرسى»، وأضاف أن واشنطن تخشى تحول مصر إلى دولة إسلامية متعصبة.
وفى تركيا، قالت صحيفة «ديلى حريت» إن التحول إلى الديمقراطية دائما ما يكون صعباً ومؤلماً، خاصة لهؤلاء الذين لم يتعودوا عليه طوال حياتهم، ووصفت الوضع فى مصر بـ«ارتداء حذاء بشكل خاطئ ومخالف للعرف». وأضافت أن هناك حالة من عدم الرضا تسيطر على ثوار التحرير بسبب وجود اثنين من مرشحى الرئاسة لا يعبرين عنهم، وأنهم مضطرون إلى الإدلاء بأصواتهم إما لصالح «مرسى» أو «شفيق».
وفى إسرائيل، قالت صحيفة «معاريف» إن المصريين يذهبون إلى صناديق الاقتراع وقد باتت الدولة «منهكة» من كثرة الأحداث التى مرت بها، وأضافت أن المصريين يختارون الآن «بين بقاء مصر فى طريقها المعتدل نسبيا، أو تغير توجهها لتسير نحو التطرف الإسلامى».
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت فى تقرير بعنوان «مصر تنتخب والميدان خال: والثورة تعبت»، إن ميدان التحرير الذى يرمز للثورة المصرية كان خالياً تماماً مع بدء التصويت فى جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة، وأضافت أن الحماس الذى ألهب المصريين فى انتخابات مجلس الشعب والجولة الأولى من انتخابات الرئاسة «اختفى وأصبح كأنه لم يكن».
وذكر موقع القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلى تحت عنوان «مصر تنتخب فى يأس» أن الطوابير الطويلة التى ميزت الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة لم تعد موجودة فى جولة الإعادة، وأضافت يذهب أغلب الناخبين من أجل التصويت ضد المرشح الذى لا يعجبه، وليس من أجل التصويت للمرشح الذى يعجبه، فى إشارة إلى المخاوف المتبادلة من وصول «مرسى» باعتباره «رمزاً للدولة الدينية»، و«شفيق»، باعتباره «رمزاً للدولة العسكرية».
.