واصلت الصحف الأجنبية الصادرة، الثلاثاء، التعليق على تداعيات الحكم على حسنى مبارك وعودة المتظاهرين إلى ميدان التحرير، وأفردت مساحات واسعة لتحليل حيثيات الحكم واتفقت على أن غضبة المصريين منه أطلقت شرارة مرحلة ثانية من الثورة التى تستهدف القضاء على النظام القديم.
وفى الصحف الأمريكية، ذكرت مجلة «فورين بوليسى» أن الحكم على مبارك ونجليه سرعان ما تمت السخرية منه على نطاق واسع بأنه «غير كاف وذو دوافع سياسية» مما دفع إلى تنشيط الحركات الاحتجاجية فى البلاد، مضيفةً أن عودة المتظاهرين إلى ميدان التحرير لن تحل ورطتهم الحالية مع اقتراب موعد جولة الإعادة فى المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وإجبارهم على الاختيار من بين مرشحين ليسا من ضمن صفوفهم.
وأكدت المجلة أن تجدد الحماس الثورى لدى الناشطين أكد لهم أنهم ليسوا وحدهم فى معركتهم، لكنها اعتبرت أن السؤال الأكبر، الذى يستحق مليون دولار لإجابته، حسب وصفها، هو طبيعة الحل الأمثل للأزمة الحالية «هل يكون مقاطعة الانتخابات تماما، أو التواصل مع محمد مرسى لتقديم تنازلات فى مقابل الحصول على الدعم السياسى، أم شن حملة (إبطال الأصوات) لإقناع 51% من الناخبين بإفساد أصواتهم، أم تشكيل مجلس رئاسى من 5 أعضاء استشاريين؟».
وفى افتتاحيتها اعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن محاكمة مبارك تعتبر مثالا نموذجيا لكيفية عدم التعرض لأى رئيس مخلوع، ووصفتها بأنها محاكمة «فوضوية»، موضحةً أنه رغم تحمل مبارك وحده على الأرجح مسؤولية تهم الفساد وانتهاك حقوق الإنسان، غير أن تلك التهم كانت غامضة وتم إثباتها على نحو سيئ.
واعتبرت الصحيفة أن الحكم النهائى الصادر بحق مبارك كان «مدعاة للسخرية» وأدى إلى زيادة الاستقطاب فى مصر، مضيفةً أن مبارك انتقل إلى عيادة بسجن طرة وهى أقل راحة، لكنه لن يبقى هناك لفترة طويلة - حسب قولها.
وأكدت الصحيفة أن جنرالات المجلس العسكرى يسعون إلى الحفاظ على قوتهم، رغم وعود التحول إلى الديمقراطية الموعودة، وذلك بهدف تجنب تعرضهم للمساءلة.
واختتمت بقولها: «على الأقل، تجنب مبارك مصير صدام حسين، لكن محنته القانونية لم تنته بعد، ولا يسعنا القول سوى إن المحاكمات السياسية تضعف قيام حكم ديمقراطى قائم على سيادة القانون فى مصر».
وبدورها وصفت صحيفة «شيكاغو تريبيون» الأمريكية مصر بأنها «تمر برياح الربيع العربى للمرة الثانية بسبب الانتقال الفوضوى من الديكتاتورية»، وأكدت أن الثورة المصرية تبدو عازمة على فتح الطريق نحو مستقبل أكثر ديمقراطية وإنسانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن رحلة المصريين للتخلص من النظام السابق «لم تكن سهلة» منذ تسلم المجلس العسكرى إدارة شؤون البلاد وحتى الآن، مضيفةً أن الشعب المصرى يواجه سباقا «مريرا» وخطيرا بين الفريق أحمد شفيق الذى يخطط لعهد من القمع، والدكتور محمد مرسى الذى قد يعود بمصر إلى «العصور المظلمة».
وإذا أراد الجيش والإخوان حكم مصر بالقوة، كما تقول الصحيفة، فإنهمت يخوضتن معركة خاسرة ضد مواطنيهما، مؤكدةً أن الانتخابات لا تعنى السيطرة الدائمة على مصر، لكنها فرصة لهما ليظهرا للشعب ما يمكنهما فعله لمصلحتهه.
وفى الصحف البريطانية، قالت صحيفة «الجارديان» إن مرسى لاتزال لديه فرصة فى الفوز بجولة الإعادة مما دفع الإخوان إلى التحفظ بشأن الاشتراك مع المرشحين الآخرين فى مقاطعة الانتخابات، مضيفةً أن الفشل فى الوصول إلى جبهة موحدة أدى إلى تفتيت المعارضة وإضعاف موقفها. وأوضحت الصحيفة أن جميع المرشحين يعارضون شفيق، لأنهم يعتبرون فوزه «إشارة لعودة نظام مبارك وقواته الأمنية القمعية»، ورغم ذلك يُصر شفيق على أن سياساته تعتبر «كسراً للماضى»، حسب الصحيفة.
ووصفت مجلة «إيكونوميست» البريطانية أن ما يحدث فى ميدان التحرير الآن «دليل على عودة رياح الثورة إلى مصر» مصاحبة بمزيج من الغضب، مضيفةً أن مناخ التحرير يشبه ما حدث فى يناير 2011 عندما توحدت القوى ضد الطاغية.
وفى الصحف الألمانية، أشارت مجلة «دير شبيجل» إلى أن تظاهر العديد من المصريين فى ميدان التحرير بعد النطق بالحكم فى محاكمة مبارك وأعوانه جاء وسط مخاوفهم من أن «الثورة فى خطر»، معتبرة أن ذلك أدى إلى ارتفاع سقف التوترات مع اقتراب موعد جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية.
وقالت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية إن هذا الغضب من المحاكمة عبر عن وعى المصريين بأن نظام مبارك ممثلا فى الجيش والاستخبارات والشرطة والقضاء، لم يمس حتى الآن.