أبناء الفيوم: فى الابتدائى نجمع طماطم.. وبعد الإعدادية نترقى للزيتون

كتب: اخبار الإثنين 04-06-2012 09:07

الترقى بين المراحل الدراسية المختلفة ليس هدفاً فى حد ذاته بالنسبة لمعظم أبناء الفيوم.. «أبناء قريتنا جميعا يخرجون للعمل فى سن الابتدائى، ويحلمون باليوم الذى يكبرون فيه، لقبولهم فى فرق جنى محصول الزيتون الذى يتطلب طول القوام»، قالها السيد صوفيان، صاحب الـ«21 عاماً»، الذى ينتمى إلى إحدى قرى مركز سنورس بالفيوم، ببساطة شديدة، جعلت زميله شريف أحمد ربيع، يتدخل لتوضيح ما يقصده «صوفيان»: «اليومية التى نحصل عليها أحسن من المدرسة اللى ما بنتعلمش فيها حاجة تنفع».

«شريف»، لم يخجل من الحديث حول شعوره بالنقص حيال دبلوم التجارة الذى حصل عليه بالكاد، حيث يقرأ ويكتب بصعوبة، ما يجعله يفضل العمل بالزراعة التى احترفها منذ أن كان فى الصف الخامس الابتدائى.

لا يقتصر العمل بأراضى محافظة البحيرة على طريق (مصر ــ الإسكندرية) الصحراوى على أطفال المرحلة الابتدائية أو شباب الدبلومات الفنية وغير المتعلمين فى الفيوم، حيث يؤكد حمادة ربيع وعمرو زكريا، من المجموعة والقرية نفسها، أن لهم زميلاً دخل كلية الصيدلة، ولم يمنعه حلمه بأن يكون صيدلانياً من العمل معهم شهرين كاملين فى جمع الزيتون، مؤكدين أنه يتفوق عليهم فى الإنتاج، حيث يجمع فى شهرين فقط (أغسطس، وسبتمبر) ما يجمعه زملاؤه فى أربعة أشهر. أيوب ربيع، مقاول عمال من الفيوم، فسّر حديث العمال بقوله إن عمالة الفيوم تخضع للتصنيف الجبرى، حيث يوجه الأطفال ما دون الخامسة عشرة إلى الأعمال التى تناسب قواهم البدنية، مثل جمع ثمار الخضراوات، كالفول، والبسلة، والطماطم والباذنجان، وتبلغ يومية العامل فى هذه المرحلة 25 جنيهاً، وهى لا تناسب العامل الذى يزيد عمره على 15 عاماً.

كان «فلاش الكاميرا»، دافعاً لتنافس الأطفال الشغيلة على الحديث، فقالت واحدة من المجموعة ــ خجلت من ذكر اسمها ــ إنها تعمل فى جمع الخضار منذ أكثر من 3 أعوام، وتشجعها على ذلك بنت عمها التى تكبرها بعامين، وسبقتها إلى العمل مع المقاول نفسه «عمها أيوب». «أيوب» لم يخف أنه يكسب من فريقه أكثر من 200 جنيه يومياً، غير أجرة السيارة «نصف نقل» التى تقلهم من الفيوم بعد الفجر يوميا، وتعيدهم إلى ديارهم مرة أخرى قبل غياب الشمس. يضيف أيوب أنه يحاسبهم باليومية، لكنه يحاسب صاحب المزرعة بطريقة «المقاولة» أو «المقطوعية» حسب المصطلح الشائع فى أعمال الزراعة والهدم والبناء المعمارى. ويتراوح سعر جمع «عربية» الطماطم ما بين 200 و250 جنيها، وحمولتها نحو 80 صندوقاً، أى نحو 1.5 طن.

حمادة ربيع، الشقيق الأصغر لأيوب يقود فريقاً آخر من العمالة الزراعية: «أنا مع اللى يكسب، لو الطماطم غالية فى موسم الزيتون، أروح لفريق الصغيرين (بعمل يومية 300 جنيه)، ولو رخصت الطماطم أجرى للزيتون وكفاية يومية 120 جنيه». محمد رجب عبداللطيف، من قرية دمو، مركز الفيوم، يفتخر ببلده مكذبا أن تكون الفيوم بها بطالة: «أنا معرفش عيل ولا راجل فى الفيوم كله قاعد من غير شغل».