«كفر المصيلحة»: تراشق بالألفاظ وقت النطق بـ«المؤبد» على مبارك

كتب: ريهام العراقي الأحد 03-06-2012 01:02

مزيج من الفرحة والحزن والدهشة وكثير من لافتات التأييد لأحمد شفيق، المرشح الرئاسى فى سباق الإعادة، هكذا استقبل أهالى قرية «كفر المصيلحة» نطق الحكم بالمؤبد على الرئيس السابق محمد حسنى مبارك فى قضية قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير.. لافتة كبيرة ترحب بالزائرين تزين مدخل القرية، وصورة قديمة غطتها الأتربة للرئيس المخلوع وسط هدوء يخيم على المكان، فيما عدا تجمع عدد من سائقى الميكروباصات.. كانت هذه أهم ملامح قرية «كفر المصيلحة»، التابعة لمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية، فى يوم محاكمة الرئيس المخلوع.

زيارتك لـ«كفر المصيلحة» تصيبك بالاندهاش، فالقرية التى تربى فى أحضانها الرئيس السابق مبارك تختلف كثيرا عن باقى القرى المجاورة، فهناك ترى شوارع واسعة وعمارات سكنية مرتفعة وسيارات الأجرة والملاكى الحديثة وتغلب المساحات الخضراء على القرية، إلا أن أهالى القرية لم يرجعوا الفضل فى حضرية قريتهم إلى مبارك، وإنما إلى أبناء قريتهم، الذين ساهموا فى الارتقاء بها وعلى رأسهم أحفاد عبدالعزيز باشا فهمى، وزير العدل الأسبق، أحد أبناء القرية.

صورة الرئيس السابق مبارك فى مدخل القرية ليست الوحيدة، وإنما غطت صورته واجهة نادى «محمد حسنى مبارك»، الذى يقع وسط القرية، والذى تغير اسمه إلى نادى «كفر المصيلحة» الرياضى، بعد ثورة يناير، رغم محاولات القائمين عليه تغطية الصورة بلافتة كبيرة بعلم مصر. أم أسماء، عاملة نظافة فى نادى مبارك السابق، لم تكن على علم بموعد محاكمة الرئيس، فهى التى اعتادت تنظيف النادى بشكل يومى لم تر اختلاف ذلك اليوم عن باقى الأيام الأخرى.

اقتراب الساعة من العاشرة صباحا وهو الموعد المحدد لمحاكمة الرئيس السابق لم يغير من المشهد أمام نادى مبارك، فالنادى لم يقربه زائر، وخلا الشارع من المارة، وحرص الأهالى على متابعة المحاكمة من منازلهم.

منزل كبير فى وسط القرية مكون من ثلاثة أدوار يضم حديقة صغيرة خلف بوابة حديدية، ولافتة كبيرة كست حوائط الدور الثالث تؤيد المرشح الرئاسى الفريق أحمد شفيق هو المنزل الذى يضم أبناء عم الرئيس السابق، الذين رفضوا الحديث إلينا عن الرئيس السابق أو التعليق على الحكم بالمؤبد على مبارك، واكتفى أحد أبناء عمومته بالقول: «سيبوه فى حاله، خلاص القضاء قال كلمته».

«إحنا مشفناش حاجة من مبارك رغم أنه أحد أبناء قرية كفر المصيلحة، لأنه عمره ما زارها ولو مرة واحدة بعد ما سابها فى شبابه»، هذا ما أكده الحاج محمد عامر، أحد أهالى القرية، قائلا: «الكفر عندنا طول عمره يخرج رجالة وأولهم عبدالعزيز باشا فهمى، وفعلا أحفاده وأبناؤه عملوا كتير للبلد وغيرهم من وكلاء النيابة والأطباء، والبلد ما انتفعتش من وراه غير مجاملة الحكومة الصينية له وهى عبارة عن مدرسة تجريبية بنيت على أحدث طراز يلتحق بها أبناء القرية من مرحلة رياض الأطفال حتى التعليم الثانوى».

أشهر قليلة تحول فيها اسم أشهر المدارس من «مدرسة الزعيم مبارك» إلى مدرسة «مصر الحرة»، وهى المدرسة التى منحتها الحكومة الصينية لأبناء قرية الرئيس السابق، فالمدرسة التى تعد واحدة من إجمالى مدرستين على مستوى محافظات الجمهورية ـ الأخرى تقع فى محافظة 6 أكتوبر ـ لا تختلف كثيرا عن المدارس الدولية فى تصميمها، حيث كان من المقرر أن يفتتحها مبارك عام 2010، بعد الانتهاء من إنشاءاتها، وهو الخبر الذى استقبله أبناء القرية بالفرحة، لرؤية رئيسهم، أحد أبناء قريتهم، بعد غياب دام عشرات السنين، إلا أن قيام ثورة 25 يناير والإطاحة بالرئيس السابق حال دون تحقيق أمنيتهم، ليفتتحها الدكتور أشرف جلال، محافظ المنوفية، ويرفع من عليها اسم «الزعيم مبارك»، وتعلو لافتات «ثورة 25 يناير المجيدة، وثورة هزت أرجاء العالم، وشهداء فى دمائنا» جدران المدرسة.

حاجز من الصمت ساد بين رواد مقهى «الفيروز»، فور صدور النطق بالحكم على مبارك، فكانت الفرحة على وجوه البعض فور النطق بالحكم على مبارك بالسجن المؤبد، بينما ارتسمت علامات الحزن على البعض الآخر، بعد الإعلان عن براءة مساعدى وزير الداخلية، لتخرج عبارة «حق الشهدا راح، والحكم معناه مفيش ثورة قامت»، وينطلق صراخ من آخر: «الثورة رجعت للمربع الصفر»، ويتوعد ثالث بالنزول إلى ميدان التحرير، للقصاص من قتلة الثوار، ويقرر عدد من زبائن المقهى عدم استكمال سماع قرار المحكمة.

فيما أبدى أحمد هلال، أحد أهالى القرية، استياءه من قرار الحكم بالمؤبد على مبارك، قائلا: «حرام.. راجل عمل للبلد حاجات كتير يترمى فى السجن، خصوصا فى السن ده، كان لازم ياخد براءة زى مساعدين وزير الداخلية»، وهو الأمر الذى أدى إلى التراشق بالألفاظ بين مؤيدى مبارك ومعارضيه.

وبانفعال شديد يتابع محمد زين: «خطبة المستشار أحمد رفعت أدخلت الطمأنينة فى قلوبنا، وبدأنا نشعر بأننا نعيش فى مصر جديدة، إلا أن الحكم على اثنين ميتين هما العادلى ومبارك، والحكم ببراءة علاء وجمال ورجال الداخلية هو دليل على وأد الثورة، ولا نستبعد أن يخرج هؤلاء الطغاة، للانتقام من الشعب».