من الحولة إلى دمشق.. «أسبوع النهايات» بعد تحول العاصمة السورية إلى «مدينة أشباح»

كتب: أسامة شاهين, عبد الله مصطفى الأحد 27-05-2012 14:19

 

في وقت تصاعدت فيه الإدانات الدولية لـ«مجزرة حولة»، وبينما قدم البرلمان الأوروبي تعازيه لعائلات الضحايا، يزداد الوضع الإنساني تأزمًا في الداخل السوري، الذي تحولت عاصمته إلى «مدينة للأشباح» تحت حظر التجوال والحواجز الأمنية المشددة.

وأدان الاتحاد الأوروبي «جريمة الحرب»، بحسب تعبير رئيس البرلمان، مارتن شولتز، الذي قال إنه «يجب تقديم الجناة إلى العدالة». وأكد أن البرلمان الأوروبي يقف وراء الشعب السوري، مجددًا دعوته للرئيس بشار الأسد إلى التنحي.

وفي بيان منفصل، أعرب الاتحاد عن شعوره بالرعب الشديد إزاء «المذبحة الوحشية التي قامت بها القوات المسلحة السورية في بلدة حولة بريف حمص، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى، بينهم أطفال». وقالت كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد، إنه رغم وقف إطلاق النار المتفق عليه، ورغم وجود مراقبين للأمم المتحدة، «ارتكب النظام مجزرته ضد مدنيين».

أما في الداخل السوري الذي لا تعنيه تلك البيانات الدولية، فلم تعد دمشق العاصمة، مدينة للنزهات والمشاوير، بل عند حلول المساء، تكاد تخلو من العابرين والمارة، فـ«الشاطر هو من يؤمن قوت يومه من أكل وشرب ويعود باكرًا إلى بيته».

الدمشقيون ظلوا لفترة طويلة من عمر الثورة يعيشون حياة شبه طبيعية، لكنهم فقدوا ذلك الإحساس في الأشهر الأخيرة منذ دخول أحياء كبرى في الصراع مع النظام مثل «كفرسوسة» و«الميدان»، التي سبقتها إليه أحياء مثل «برزة» و«القابون».

والذي زاد من التوتر أن الأحياء الشعبية التي تعيش على أطراف المدينة وتضم سكان مناطق المخالفات العشوائية دخلت في الأسابيع الأخيرة بعنف في الصراع، بالإضافة إلى وسط المدينة الذي لا يخلو من  تظاهرات يسميها منظموها «طيارة».

ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، شهدت شوارع دمشق إجراءات أمنية غير مسبوقة، وشبه حالة حظر تجوال في المدينة المزدحمة، ونصبت الحواجز الأمنية على جميع المفارق والطرق المؤدية إلى مجلس الشعب، حيث يعقد الأعضاء «المنتخبون» مؤخرًا جلساتهم.

أما الوقت الذي تغص فيه الشوارع بالمارة، فهو ذلك الذي يعقب الدوام الرسمي للموظفين، إذ تزدحم الشوارع بحافلات نقل الموظفين، إلا أن الوضع اختلف تدريجيًّا مؤخرًا لتصبح الحركة باردة وبطيئة.

يشكل القادمون إلى العاصمة من سكان الريف نسبة تتجاوز 40% من حركتها اليومية، وهم الذين يؤمون المدينة للتسوق أو بيع منتجاتهم، ولكن ومنذ بداية الأحداث، نادرًا ما يبقى بائع من الريف في العاصمة حتى ساعات ما بعد الغروب.

يقول أبو خليل (بائع خضراوات): «أبيع منتجاتي من الخس والبقدونس ومنتجات الموسم في أسواق شعبية في منطقة البرامكة. كنا نأتي ببعض الفاكهة في ساعات المساء أما اليوم فربما لا يمكننا الوصول إلى قلب المدينة، إذا كانت هناك اضطرابات في مناطقنا، وهنا في المدينة لا يمكننا أن نبقى لساعات متأخرة لنفس الأسباب».

من جانبه، قال أبو أحمد (بائع ألبان): «تعتمد العاصمة على الألبان التي نبيعها في الأسواق، وبعض سكان المدينة اعتادوا على منتجاتنا، ولا يشترون من منتجات معامل العاصمة، ولكننا في أيام كثيرة لا نستطيع دخول دمشق، ونتعرض كثيراً لمضايقات أمنية، لأننا ننتمي إلى مناطق الحراك الشعبي».

في هذه الفترة من السنة تبدأ أيضًا امتحانات السنوات الانتقالية، وهو ما وضع على الأهالي أعباء تتعلق بإيصال أبنائهم إلى المدارس، والخشية من اندلاع أي حادث أمني قد يصيبهم بسوء. هذه الحالة تسود المناطق التي تشهد امتحانات انتقالية، أما بقية المدن التي تجتاحها اضطرابات كبيرة فالامتحانات متوقفة من الأساس.

وما يزيد من مخاوف الدمشقيين وسكان الأرياف المحيطة هو الشائعات التي تم تداولها إعلاميًّا عن اغتيالات بالجملة لمسؤولين سوريين يعتبرون أعمدة إدارة الأزمة، بما دفع إلى تخوفات كبيرة نتجت عن زيادة الانتشار الأمني، وحواجز التفتيش. هذه الأجواء دفعت كثيرًا من الدمشقيين ليتوقعوا «قرب انفراج الأزمة التي تفاقمت لدرجة تبشر بالنهايات»، حسبما قال أبو أحمد.