«ياسين»: «أنا عارف إن لي حق في البلد دي.. بس بيقولوا ماليش صوت انتخابي»

كتب: نيرة الشريف الأربعاء 23-05-2012 07:35

«كل ما أمشى فى الشارع ألاقى صور لناس كتير بيقولوا إنهم عايزين يبقوا رؤساء ويمسكوا البلد، وأنا مش شايف لكل ده لازمة».. هكذا بدأ ياسين عزت، أحد أطفال الشوارع «18 عاما»، حديثه بعيون هادئة ووجه جامد لا يظهر عليه أثر لأى شعور لا فرح ولا حزن ولا رضا ولا ضجر، ويضيف قائلاً: «يمكن الكلام ده مالهوش لازمة بالنسبة لى، لأنى نفسى أقدر أكل أمى وإخواتى، نفسى يبقى معايا فلوس توفر لهم لقمة ياكلوها كل يوم، وبعدين أبقى أفكر فى البلد والرئاسة والانتخابات».

«صحيح أنا أصلاً ماليش صوت انتخابى، لأنى ماعنديش بطاقة، لكن ده أحسن، لأنى حتى لو عندى بطاقة ولى صوت انتخابى ماكنتش هروح أختار حد، الناس اللى مرشحة نفسها دى أنا مابفهمش هى بتقول إيه أصلاً.. باسمعهم فى التليفزيون على القهوة، ولما بينزلوا يعملوا ندوة ولا مؤتمر فى مكان أنا موجود فيه بقف من بره أسمع بيقولوا إيه، لكن مابفهمش حاجة، آخر مؤتمر حضرته لواحد من المرشحين كان فى الإسكندرية، كنت فاكره فرح والله، لقيت زحمة وناس كتير، ففضلت واقف، وبعدين لقيت الناس بيهتفوا باسم حد، وشفت واحد من الناس اللى صورها مالية الشارع، فقلت هقف أسمعه، فضل يتكلم كتير أوى وأنا مافهمتش ولا كلمة، قلت هعند وهفضل واقف لآخر المؤتمر، يمكن أفهم أى حاجة، أو أحس إنه هيقول أى حاجة تمسنى أو تهمنى، لآخر المؤتمر لا فهمت ولا كلمة، ولا حسيت إن الراجل ده ممكن يكون عارف ظروفى وظروف الناس اللى عايشين زيى، كان عمال يقول إن البلد هتبقى قوية، وإنه هيصلح الفساد، وأنا ماعرفتش أصدق حاجة، طب قول لنا هتصلح الفساد إزاى عشان الكلام يدخل دماغنا؟! أو قولنا هتعمل إيه للناس اللى عايشين فى الشارع ومالهومش حد يسأل عنهم ولا عن بيوتهم».

«المفروض إنى لى حق فى البلد دى بس ماليش صوت انتخابى، لأنى ماعنديش بطاقة، مع إنى كنت قاعد فى ميدان التحرير طول أيام الثورة، هو أنا كده مش أبقى شاركت فى الثورة؟ طب إزاى أبقى ما شاركتش؟ مش كان ممكن أموت مع الناس اللى ماتت؟ طب كان وقتها حد هيفتكرنى ولا هيحسبنى شهيد ولا حتى هيعرف اسمى إيه؟ وأنا لا لى بطاقة ولا حد ممكن يوصل لأهلى اللى سابونى فى الشارع».

«ساعة الثورة كنا قاعدين فى الميدان، وبعدها رجعت حياتنا أسوأ من الأول، البلطجية زادوا بلطجة علينا، من غير ما يخافوا من حد، الأول كنّا بنستنجد بالناس اللى ماشيين فى الشارع لما بلطجى يتعرض لنا، دلوقتى الناس اللى ماشيين فى الشارع بيخافوا يعرضوا نفسهم لبلطجى عشان عارفين إن البلطجية مابقاش لهم لا رابط ولا رادع، فبيسيبونا مننا ليهم وبيخافوا على نفسهم، البلطجية بيضربونا وياخدوا فلوسنا فى وسط الشارع وفى عز الضهر، حتى الضباط معاملتهم ماتغيرتش معانا بعد الثورة، من إسبوع اتقبض علىّ فى الشارع أنا وأخويا، ماكناش بنعمل حاجة، بس هما كل ما بيشوفونا فى الشارع بياخدونا يعملوا لنا محضر تسول عشان بيبقى شكلنا مبهدل وهدومنا متقطعة، أخدونا لقسم شرطة فى الإسكندرية، فضلنا فى القسم يوم بليلة لغاية ما عنينا طلعت، ضربونا بالخرزانات والأسياخ الحديد لغاية ما ودونا النيابة، النيابة قالت لنا لو جه حد يستلمكم هنسيبكم لو مجاش حد هناخدكم على الأحداث أو ملجأ، لما ماحدش استلمنا ودونا جمعية إيواء، أول ما وصلنا الجمعية قالوا لنا عاوزين تقعدوا ولا تمشوا، قلنا لهم نمشى راحوا سابونا».

بدأ «ياسين» حياته فى الشارع منذ أكثر من خمسة أعوام، عندما ضغطت عليه والدته لكى يترك المنزل ويعمل أى عمل يحضر منه مالا ينفق به على البيت، يقول «ياسين»: «أنا عندى 9 إخوات، منهم 3 بنات و6 أولاد، أكبرهم عنده 25 سنة وبيشتغل قهوجى، وكل الفلوس اللى بياخدها بيروح يصرفها على المخدرات، أبويا راجل مشلول وقاعد فى البيت وأمى بتمسح سلالم، وعاوزانى أنا اللى اشتغل وأجيبلها فلوس، لغاية ما كرهتها وكرهت البيت وسبته ومشيت، نزلت عند السيدة زينب، طول النهار بمسح عربيات، وبالليل بنام فى المسجد، بكسب حوالى 10 جنيه فى اليوم، بروح أصرفها على القهوة، أشرب شاى وشيشة، وأجيب ساندوتشين وخلاص، بروح البيت يومين ولا تلاتة فى الأسبوع عشان أبص على إخواتى، لأنى بخاف عليهم من إهمال أمى».

يشرد «ياسين» ويقول: «لو ده شكل حياتى ودى ظروفى، المفروض أبقى إزاى قادر أهتم بانتخابات ولا مرشحين ولا بلد، الحمد لله إن الحكومة مش حاسبانى من المنتخبين، والبلد آخرها إن لو مسكها حد كويس هيغير الدنيا ويحسنها، ولو مسكها حد همه يبقى رئيس، هيقعد على الكرسى وخلاص، وهترجع زى ما كانت».