عبر أربعة وستون دورة سابقة، أطلق مهرجان «كان» السينمائي العديد من المخرجين، الذين عَرضوا من خلاله أفلامهم الأولى، وحازوا على دَعمٍ قَوي، جعلهم فيما بعد من رموزِ السينما، وهؤلاء الخمسة هم أبرزهم:
1- فرانسوا تروفو (أفضل مخرج – 1959)
مع انطلاق «الموجة الفرنسية الجديدة»، التي قادها ثلاثة من شباب السينما في فرنسا نهاية الخمسينيات، كانت بحاجة إلى ذلك الدّعم، حين يفوز أحد روادها «فرانسوا تروفو» بجائزة أفضل مخرج في «كان» عن باكورة أعماله «400 ضربة».
وُزّع الفيلم بعد الجائزة في العديد من الدّول، وحقق نجاحاً كبيراً ساهِم في إلقاء الضوء على الموجة الفرنسية، والتي أثّرت فيما بعد في كل المخرجين من دولِ العالم، حيث قامت على تناول مواضيع مختلفة عن السينما السائدة، واستخدام أساليب غير مطروقة في السردِ والمونتاج.
وصار «تروفو» نفسه واحداً من أهم المخرجين الفرنسيين خلال الستينيات والسبعينيات.
2- روبيرت ألتمان (السعفة الذهبية – 1970):
قبل ذهاب «روبيرت ألتمان» إلى «كان» في هذا العام، لم يَحمل شهرة واسعة في أمريكا، ولكن بعد حصوله على السعفة الذهبية، عن فيلمه «ماش»، عادَ إلى بلاده لينال ترشيحاً للأوسكار، ويصبح واحدًا من أهم مخرجي السبعينيات في العالم.
قدّم عدداً من أهم الأفلام السينمائية، مثل «3 نساء»، «ناشفيل»، «اختصارات»، و«اللاعب» الذي حاز من خلاله على أفضل مخرج من «كان» عام 1992.
3- كريستوف كيسلوفسكي (جائزة لجنة التحكيم – 1988)
نالَ المخرج البولندي «كريستوف كيسلوفسكي» تجاهلاً كبيراً في بلاده، وتضييقاً من السلطات على أفلامه التي خَضعت لرقابةٍ صارمة، قبل أن يعرض عام 1988 عمله «فيلم قصير عن القتل»، ويفوز بجائزة لجنة التحكيم من مهرجان «كان»، فينال دَعوة من منتجين فرنسيين لإنتاج أفلامه هُناك.
أخرج «كيسلوفسكي» أعماله الأربعة الأخيرة في فرنسا، «ثلاثية الألوان: أزرق، أبيض، أحمر»، و«الحياة المزدوجة لفيرونيكا»، وكانت كافية مع أفلامه البولندية التي أعيد إصدارها، لاعتباره واحدًا من أهم المخرجين في تاريخ السينما.
4- الأخوين كوين (السعفة الذهبية وأفضل إخراج – 1991)
بدأ الأخوين «جويل» و«إيثان كوين» مسيرتهم السينمائية عام 1984، وقدموا خلال ست سنوات ثلاثة أعمال سينمائية مهمة، لم تنل التقدير الكافي في الولايات المتحدة، قبل أن يذهبا بفيلمهما «بارتون فينك» إلى مهرجان «كان»، ويعودا بالسعفة الذهبية وأفضل إخراج، ويتم النظر إليهما بشكلٍ مُختلف، كمشروع سينمائي من أهم ما قدّمت هوليوود في العقودِ الأخيرة.
نال الأخوين جائزة أوسكار أفضل سيناريو عن فيلمِ «فارجو» عام 1996، قبل أن يحصدا جوائز أفضل فيلم وسيناريو وإخراج عام 2007 عن «لا بلد للعجائز»، الذي اعتبره الكثير من النقاد أفضل فيلم أمريكي خلال الألفية.
5- كوينتن تارنتينو (السعفة الذهبية – 1994):
أخرج «تارنتينو» أول أفلامه «كلاب المستودع» عام 1992، واستقبل بشكلٍ حافل من النقاد، دون أن ينال أي جوائز، قبل أن يعود بعدها بعامين فقط، بفيلم «بلب فيكشن»، وينال السعفة الذهبية لمهرجان «كان»، وسط دَهشة البعض، وتصفيق الأغلبية لعملٍ سينمائي سيُعتبر فيما بعد أحد أفضل إنتاجات السينما.
صار تارنتينو بعد دورة هذا العام، واحداً من أهم المخرجين في أمريكا، حصد أوسكار أفضل سيناريو عن «بلب فيكشن»، وصنع مَوجة جديدة من السينما في هوليوود، تعتمد بشكلٍ كبير على الثقافة الشعبية ، والحوارات اليومية غير الهامة ، وكذلك على تَحرُّر أكبر في السرد والمونتاج.
عاد «تارنتينو» إلى مهرجان «كان» عام 2004، كرئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية.
فهل يطلق مهرجان «كان» هذا العام شهرة مُخرج جديد، يصنع في العقود المقبلة مشروعًا سينمائيًا مهمًا؟