قال الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل إن المجلس العسكرى ورث تركة ثقيلة، وارتكب أخطاء بلا حدود، لكن هذا لا يعنى أن يُهدم الجيش، فهو الضمانة الوحيدة الباقية للاستقرار الآن، مرجحاً حدوث صدام بين جماعة الإخوان المسلمين التى وصفها بأنها «غير قادرة على صنع السياسة»، وبين العسكر والقوى السياسية، مشيرا إلى أن العنصر الدولى مهم فى اختيار الرئيس الجديد، مطالبا إياه بالتفكير فى عجز يومى يصل إلى 500 مليون جنيه.
وأوضح أن سيناء أصبحت رهينة لدى إسرائيل، وإذا دخلنا فى خلافات شديدة مع الدولة العبرية فستصبح القوات الإسرائيلية فى محيط قناة السويس، باعتبار أنها مكشوفة لديهم، بالإضافة إلى أن موقف مصر فى سيناء ضعيف جدا.
وأضاف «هيكل»، فى حوار أجراه الإعلامى شريف عامر لبرنامج «الحياة اليوم» على قناة الحياة، مساء الإثنين: «لم نعرف قدر المؤسسة العسكرية، ولا نعرف قيمتها إلا فى حالات الحرب».
وتابع: «المجلس العسكرى ورث تركة ثقيلة، ولا يريد أن يكشف الحقائق الكاملة للشعب، فلا أحد يعرف طبيعة النظام الذى نعيش معه». وتساءل: «لا أعرف كيف حدث كل هذا الاختراق الكامل للبلاد؟»، مؤكدا أن «الجيش لا يعتبر مؤسسة، لكنه قوة ضامنة بشكل أو بآخر، وهناك فرق كبير بين المؤسسة والقوة الضامنة»، مشيراً إلى الوجع المؤسسى فى جميع القطاعات والتى لا تعرف المؤسسات بل هى ترفض هذه الفكرة».
وتحدث الكاتب الصحفى الكبير عن التحديات التى تواجهها مصر ويواجهها الرئيس الجديد وبدأ بسيناء وقال: «سيناء أصبحت رهينة لدى إسرائيل، فنتيجة لاتفاقية السلام أصبحت هناك أوضاع عسكرية فى سيناء تحدد قوة مصر». وأضاف، إذا دخلنا فى خلافات شديدة مع إسرائيل فستصبح القوات الإسرائيلية فى محيط قناة السويس، باعتبار أنها مكشوفة لديهم، بالإضافة إلى أن موقف مصر فى سيناء ضعيف جدا».
وأشار إلى حماس بعض المرشحين الحاليين للرئاسة وقال: أخشى أن يكون الحماس سبباً فى خسارة أشياء كثيرة فى الإقليم ومنها إسرائيل»، مؤكداً أن الحماس لا يستطيع أن يصحح أخطاء ارتكبها النظام السابق.
ووصف انتخاب الرئيس بدون التوصل إلى صيغة نهائية للدستور بأنه «زواج بلا عقد»، قائلاً: «إن آخر أشكال الشرعية هو الوقت الذى نعيشه حاليا»، مطالبا بضرورة التوصل لدستور نستطيع أن نعيش بمقتضاه، فكل عيش مشترك يحتاج إلى عقد متجدد لا دائم متمثل فى الدستور.
وطلب «هيكل» من الرئيس الجديد أن يقوم فور توليه المنصب بعد فوزه بتشكيل طاقم رئاسى ومجموعة من «المستشارين بجد» وليس مجرد مستشارين تكون مهمتهم المراسلة وديوان الرئاسة، وأن يقوم بتعيين مدير مكتب يستطيع أن يطمئن لكفاءته السياسية، كما طالبه بأن يطلق مشاورات حول ما الذى يمكن عمله فى المرحلة المقبلة، وأن يقوم بوضع جدول زمنى يذكر فيه الأولويات الخاصة بالدولة. وقال: «على الرئيس المقبل أن يفكر فى العجز اليومى الذى يصل لـ500 مليون جنيه».
وتحدث «هيكل» عن جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا أن الجماعة تنظيم قوى موجود ولكن السياسة بمفهوهما المستقبلى تنظيم غير موجود فى فكر الإخوان، قائلا: «الإخوان المسلمون لا يلعبون سياسة، فهم ليس لديهم سياسة بالمعنى المستقبلى»، ودلل على ذلك بالأغلبية التى حصلوا عليها عن طريق تعبئة المواطنين، والتى تدفع المواطن للتصويت باليقين وليس بالعقل.
وأضاف: «هذا النوع من التنظيمات لا يمكن أن يصنع سياسة، ولكن يمكن أن يكون له حضور قوى فى المشهد السياسى»، مشيراً إلى أن التيار الإسلامى انكشف أمام الجميع، على الرغم من قوته التى لا يمكن تجاهلها، ولكن مصر تحتاج إلى مرحلة استقرار الآن.
وحول صعود الإخوان سياسياً وحصولهم على الأغلبية بالبرلمان أكد أن الفائز الوحيد ليس بالضرورة الطرف الأقدر على القيادة، واصفاً فوز الإخوان فى الانتخابات البرلمانية بأنه فوز «تعبوى»، متسائلاً: هل يعقل أن تذهب إلى صناديق الاقتراع بالدعوة تحت شعار الإسلام هو الحل؟ وهو شعار تم استبداله بمشروع النهضة فى الانتخابات الرئاسية، مطالباً بألا يوضع الإسلام فى شعار انتخابى، مطالباً أيضا بوضع مسافة بين شؤون الدنيا وشؤون الدين دون الدخول فى المقدسات والمحرمات.
وقال: هناك صدام محتمل بين كل القوى السياسية وبين الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى. وأضاف: «استخدام الردع فى الصدام من قبل المجلس العسكرى يفلت موازين الخطر، أما الردوع المتبادلة بين الإخوان والعسكرى إذا حدثت فستسبب مشكلة كبيرة».
وأكد ضرورة التخلص من شبح حسنى مبارك، كما تخلصنا من شبح جمال عبد الناصر وأنور السادات. وتابع: «يجب أن نتخلص من النظام القديم بكامله، فهو لم يسقط حتى الآن لكنه تصدع فقط، وأخشى أن يقع على رؤوسنا». وحول إعادة إنتاج النظام القديم قال: «مستحيل»، وضرب مثلاً بالبيضة. وقال: «هل يمكن أن تعود البيضة لطبيعتها مرة أخرى بعد كسرها».
وطالب بضرورة التوجه نحو إيران والعمل معها، متحدثاً عن الأزمة القائمة الآن بسبب انتشار الشيعة فى مصر والحسينيات الشيعية، قائلاً: «الشيعة متواجدون فى مصر طوال عمرها»، مؤكداً وجود رغبة ملحة فى تحويل الصراع العربى الإسرائيلى إلى صراع عربى إيرانى، وهو ما يتم التدبير له منذ 20 عاماً.
وانتقل للحديث عن المملكة العربية السعودية وتحدث عن اقتحام السفارة السعودية بسبب قضية المحامى الشاب أحمد الجيزاوى، وقال: «اقتحام السفارة جريمة، والاعتذار وصل لدرجة كبيرة من المهانة».
وتحدث «هيكل» عن الانتخابات الرئاسية، وقال: «نصر على أن نفصل بشدة الانتخابات الرئاسية عن التنظيمات الحزبية والأحزاب». وضرب مثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وقال: «الأولى نجح فيها شاب وهو أوباما ينتمى لتنظيم سياسى كبير، وهو الحزب الديمقراطى، وكذلك هولاند الرئيس الفرنسى الجديد الذى ينتمى إلى اليسار، وفى هذه الدول لا يوجد انفراد بسلطة، لكننا أحياناً ننسى أن هناك مؤسسات فى مصر».
وأرجع ذلك إلى طابور التعبئة الذى يجمع له الإخوان أمام صناديق الاقتراع، لدرجة وصلت إلى أنهم أصبحوا يختارون للمواطنين.
كما اعترض «هيكل» على مصطلح «الجمهورية الثانية» قائلا: «إن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والملك فاروق كانا استمرارية للجمهورية الأولى التى استمرت حتى ثورة 52، وصولاً إلى السادس من أكتوبر، لتبدأ الجمهورية الثانية التى استمرت من نظام الثبات حتى سقوط مبارك، لتبدأ الجمهورية الثالثة بعد الثورة».
وأكد أن صندوق الانتخابات لا قيمة له بدون الناخب الذى يعتبر الحلقة المحورية فى مرحلة ما قبل الوصول للصندوق، فالمواطن هو الأهم فى المنظومة الانتخابية، فالقيادة يمكن تغييرها ولكن الشعب لا يتغير، مشيراً إلى أن الشرعية الجديدة فى مصر يجب أن تتأكد بوجود مجتمع قائم على التناسق حتى تتجلى اختياراته.
وأشار «هيكل» إلى أن المشهد الإعلامى فى مصر حاليا يشهد كمية هائلة من الفوضى التى ليس لها حدود، بشقيه الخاص والعام، مطالبا بضرورة وضع صيغة جديدة للإعلام الخاص، مشيراً إلى أن تدفق المعلومات الحالى فى المجتمع يأتى خارج النسق الفكرى المطلوب.
وقال إن مصر لديها مشكلة كبيرة تتمثل فى عدم استكمال المشروعات الكبرى والمرتبطة برجل أو حلم، بسبب أن كل تجربة حاولت أن تهدم ما قبلها، وبالتالى كل مرحلة موجودة مازالت معلقة فى الهواء. وضرب «هيكل» المثل بما حدث فى ثورة يوليو 52 والمشاريع التنموية الكبرى، ومنها مشروع السلام الذى تم إهماله، وأرجع السبب فى إهمال المشروع إلى العمل بلا قيادة وفكر منظم ومستمر.
وتحدث «هيكل» عن اختيار الرئيس المقبل، وقال: «العنصر الدولى مؤثر وفاعل فى اختيار الرئيس المقبل». وأكد ما قاله الدكتور مصطفى الفقى من قبل بأن الرئيس المقبل يجب أن توافق عليه إسرائيل، وأرجع استمرار ذلك إلى عدم وجود النية للتغيير.واعتبر الكاتب الكبير ظهوره فى هذا التوقيت، وقبل 24 ساعة من الانتخابات الرئاسية استثناء.