ياسر أيوب يكتب: محمد حمص

الإثنين 04-01-2010 00:00

لا أكتب اليوم عن محمد حمص لاعب المنتخب القومى سابقاً.. والمستغنى عنه قبل كأس الأمم فى أنجولا، سواء لأنه لن يستطيع - ولن يجرؤ على - ملء فراغ سيتركه قطعاً أبوتريكة وبركات.. أو لأن حسن شحاتة لا يتفاءل به ولا يحبه.. ولكننى أكتب عن محمد سليمان زكى.. الشهير بـ«حمص».. لاعب النادى الإسماعيلى، ونجم الأقاليم المنسية والمغضوب عليها دوما فى مصر.. محمد حمص الذى أكتب عنه اليوم ليس هو لاعب الكرة.. ولكنه ابن الإسماعيلية الذى سيعيش ويموت وهو ليس له مكان لأنه ليس فى القاهرة.. محمد حمص الآن هو كل فقير صاحب موهبة فى مصر، التى لا تعرف إلا القاهرة وأضواءها ولا تعترف إلا بأبنائها.. محمد حمص الآن هو كل من يلعب أو يكتب أو يرسم أو يعزف أو يغنى أو يبتكر ولكنه بلا مستقبل ولا ضرورة لأنه يسكن مدناً وقرى هى فى رأى القاهرة وسادتها مجرد ديكور حتى تتبجح القاهرة وتزعم أنها دولة وليست مجرد مدينة أو عاصمة.. محمد حمص الآن هو أبوتريكة قبل أن يلعب للأهلى.. هو وليد سليمان المنسى لأنه ليس فى الزمالك أو الأهلى.. هو كل لاعب يمكن الاستغناء عنه دون أى صخب أو ضجيج مثل ميدو نجم الزمالك..

وإذا كنت منزعجاً مرة بسبب الأسلوب غير اللائق الذى تم به استبعاد ميدو من المنتخب.. فإننى منزعج الآن ألف مرة بسبب هذا التجاهل الإعلامى المتعمد والفاضح لاستبعاد حمص من نفس المنتخب.. الكل اعتبروا استبعاد ميدو هو الحدث والقضية وفيلم الموسم.. بينما اعتبروا استبعاد حمص أمراً طبيعياً وعادياً.. لأن حمص لا يلعب للأهلى أو الزمالك.. ولأننا فى مصر لا نرى إلا الأهلى والزمالك.. وهى ليست أزمة حسن شحاتة وحده وإنما هى أزمتنا كلنا.. صحافة وإعلاماً وحكومة وإدارة.. أزمة ستمنع أى تغيير أو تطوير حقيقى وضرورى يطرأ على خريطة الكرة المصرية أو حتى الخريطة المصرية بأسرها.. أزمة منعتنا أن نملك الآن خمسة أو ستة أندية حقيقية كلها تحلم بالبطولة وتنافس عليها وقادرة على الفوز بها..

ومنعتنا أن نملك خمس أو ست مدن كبرى قادرة على أن تنافس القاهرة فى أضوائها وحياتها وصخبها ونجومها.. وسيبقى حالنا كما هو.. سيبقى الأهلى والزمالك هما كل الكرة وكل الصحافة وكل الشاشات.. وتبقى القاهرة هى كل التنمية وكل التطوير والإنفاق والتجديد.. لأن كل المصريين المنفيين فى الشمال والجنوب لا تزال ألسنتهم مقطوعة عاجزين عن الصراخ أو الشكوى..

فمن الذى يستطيع الآن أن يصرخ فى وجه الإعلام متسائلاً عن مبررات استبعاد حمص من المنتخب مقابل مليون صوت صرخوا دفاعاً عن ميدو.. من الذى يستطيع أن يواجه الإعلام الرياضى الآن أو يسخر منه لأن هدفاً أحرزه نجم الأهلى مجدى عبدالغنى من ضربة جزاء فى مرمى هولندا فى كأس العالم صنع تاريخاً ومجداً ومنصباً فى اتحاد الكرة وبريقاً تليفزيونياً لا يزال مستمراً وقائماً ودائماً.. بينما الهدف الذى أحرزه لاعب الإسماعيلى محمد حمص فى مرمى إيطاليا بطلة العالم فى كأس القارات لم يعد يعنى شيئاً لأى أحد ولن يصنع شيئاً لصاحبه المجهول والمغمور إلا إذا انتقل للأهلى أو الزمالك.. لكِ الله يا مصر وكان فى عونك يا حمص.

yayoub@gmail.com