بدأ معتقلو أحداث العباسية والنشطاء المتضامنون معهم بالمحافظات وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضرابهم عن الطعام في الثانية عشرة ظهر الأحد، احتجاجًا على المعاملة التي يلقاها معتقلو العباسية الخاضعون للمحاكمة العسكرية وعلى استمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين.
وأصدرت حركات سياسية من بينها «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، شباب من أجل العدالة والحرية، ائتلاف شباب الثورة»، وأحزاب من بينها «التحالف الشعبي الاشتراكي والتيار المصري»، بيانًا دعوا فيه للإضراب عن الطعام تضامنًا مع المعتقلين المحتجين على محاكمتهم أمام القضاء العسكري ومنع الزيارات ومواد الإعاشة عنهم.
وقال البيان أن معتقلي العباسية انضموا إلى غيرهم من آلاف المعتقلين في السجون العسكرية ممن يتعرضون للتعذيب ومنع الحقوق الأساسية «في حين تحولت سجون آل مبارك إلى فنادق خمس نجوم»، حسب وصف البيان.
ومع بدء الإضراب الرمزي الذي يستمر لأربع وعشرين ساعة تنتهي ظهر الاثنين، فتحت نقابة الصحفيين أبوابها من جديد للمتضامنين مع معتقلي العباسية، الذين أسماهم البيان الصادر عن 30 حركة سياسية وحزبا أعلنوا تضامنهم مع الإضراب، بأنهم «أسرى في سجون العسكر»، لتكون هي المرة الأولى التي تعود فيها النقابة مسرحًا لتحرك احتجاجي كبير يشارك فيه مجلسها منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير.
فقبل الثورة كانت نقابة الصحفيين وجارتها «المحامين» مقرين رئيسيين من مقار الاحتجاج ضد نظام مبارك، وعرف سلم النقابة بكونه ساحة الاحتجاج الأهم في مصر وفاقت شهرته شهرة النقابة نفسها بعد أن صار مقصدًا للنشطاء والعمال وأسر المعتقلين أو شهداء الكوراث الكبرى كالعبارة السلام 98.
ونظرًا لشهرة سلم المقابة والنقابة نفسها كمقر احتجاجي ضد النظام، كانت سيارات الأمن المركزي تعسكر بشكل دائم على مدخل شارع عبدالخالق ثروت الحاوي للنقابتين.
في حين يجلس ضباط الشرطة بلباسهم الرسمي على مقاعد ومناضد متراصة على الأرصفة المواجهة والمحيطة بالنقابة.
تغير الحال بعد الثورة حيث خرجت الأنشطة الاحتجاجية للشارع بشكل أكثر وضوحًا مما كان عليه الوضع قبل الخامس والعشرين من يناير، ومع النقلة العددية للمشاركين في الأنشطة الاحتجاجية من اعتصامات وإضرابات وتظاهرات، انتقلت الاحتجاجات بعيدًا عن سلم النقابة الشهير إلى ميدان التحرير أو في مواجهة مقري مجلس الشعب ومجلس الوزراء.
وخلال ذلك شهدت نقابة الصحفيين عددا قليلا من محاولات الحشد لأنشطة احتجاجية تتعلق بالأساس بالمحاكمات العسكرية للمدنيين، فشهد سلمها الشهير عدة وقفات، واستضافت قاعاتها مؤتمرات لشهادات المعتقلين والنشطاء ممن شهدوا أحداثًا كمحمد محمود ومجلس الوزراء، والتعدي على مؤتمر «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين» بإمبابة في مارس من العام الماضي.
لكن النقابة نفسها شهدت عقب الثورة محاولات للتضييق على تلك الفعاليات الاحتجاجية، بقرارات رسمية موقعة من نقيبها السابق مكرم محمد أحمد وخليفته ممدوح الولي، وكان أبرزها المؤتمر الذي ألغي في اللحظات الأخيرة يوم الثاني والعشرين من فبراير الماضي، عقب استشهاد عشرات من أعضاء ألتراس النادي الأهلي في ستاد بورسعيد، حيث قام نقيب الصحفيين باتخاذ قرار مفاجئ بإلغاء المؤتمر الختامي لتشكيل مجلس قيادة الثورة بمشاركة 45 حزبًا وحركة سياسية، وعدد من أعضاء مجلس الشعب، وذلك بعد موافقة مجلس النقابة على تأجير إحدى قاعاتها للمؤتمر، وبعد تسديد المنظمين لمبلغ التأجير بالفعل.
وحينها أعلن مجلس نقابة الصحفيين عن أن النقيب قام باتخاذ القرار منفردًا «لدواع أمنية»، ليتجمهر وقتها عدد من النشطاء وأعضاء مجلس الشعب أمام مقر النقابة رفضًا لما رأوا فيه «تكميمًا للأفواه».
ودعا ذلك المشاركين لإقامة مؤتمرهم على سلم النقابة في حضور وسائل الإعلام.
مر الحدث دون ضجيج كبير، ولم يسمع أحد عن كيان «مجلس قيادة الثورة» عقب تلك الواقعة، كما لم تذكر الصحف قراءها بمؤتمر آخر ألغي قبلها بأسابيع قليلة في النقابة نفسها، للتضامن مع أسرة الشهيد أحمد محمد محمود الزميل بأخبار اليوم، الذي استشهد خلال تغطيته للأيام الأولى من ثورة الخامس والعشرين من يناير.
أبدى زملاء الشهيد من الصحفيين بمؤسسة «أخبار اليوم» وقتها استياءهم من مقاطعة أعضاء مجلس النقابة للمؤتمر الذي كان مقررًا له الثاني والعشرين من يناير الماضي، كما أعلن زملاء الراحل عن رفضهم لعدم إقدام النقابة نفسها على تحرك يحفظ حقوق أعضائها أثناء ممارستهم لعملهم الصحفي خلال الأحداث الملتهبة التي تشهد اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، بحسب تصريحات صحفية نسبت وقتها للزميل محمود بسيوني منظم المؤتمر، وصديق الزميل الراحل.
ووصف بسيوني مقاطعة أعضاء مجلس النقابة للمؤتمر بكونه استهتارًا بمشاعر الصحفيين.
في المقابل استمرت لجنة الحريات بالنقابة برئاسة محمد عبدالقدوس في استضافة بعض المؤتمرات الاحتجاجية التي تتضامن مع حقوق المعتقلين، وتسجل شهادات من خضعوا للمحاكمات العسكرية، أو من قاموا بتسجيل وقائع التعذيب والاشتباكات التي شهدتها ميادين وشوارع عدة في اعقاب تنحي الرئيس المخلوع وحتى أحداث العباسية الأخيرة.
ودعم مقرر اللجنة منفردًا، الإضراب الذي كان مقررًا له العشرين من نوفمبر الماضي بمقر النقابة لرفض المحاكمات العسكرية للمدنيين، لكن الإضراب لم يتم لاندلاع أحداث محمد محمود قبل يوم واحد من الموعد المقرر لبدئه، وهي الاحداث التي أصيب فيها الناشط الحقوقي مالك مصطفي الداعي للإضراب التضامني حيث فقد عينه اليمني نتيجة طلقة خرطوش سجلت كاميرات الفيديو إطلاقها من بندقية ضابط بالأمن المركزي، في واقعة مازال التحقيق فيها مستمرًا.
في الدور الأول للنقابة، يجلس اليوم الأحد ما يزيد عن ثلاثين صحفيًا، أعلنوا إضرابهم عن الطعام، ومعهم عدد كبير من النشطاء المتضامنين مع معتقلي العباسية، ممن يجري التحقيق معهم الآن في عدة اتهامات من بينها «محاولة اقتحام وزارة الدفاع»، وبينهم عدد من أعضاء مجلس النقابة منهم كارم يحيى وجمال فهمي، اللذين أعلنا تضامنهما مع الإضراب، احتجاجًا على عدم تحقيق النيابة العامة في البلاغات المقدمة من النقابة بشأن الاعتداء على أعضائها خلال تغطيتهم لأحداث العباسية في الرابع من مايو الجاري.