اعتبرت إسرائيل أن الاتفاق مع الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية لإنهاء إضرابهم، خطوة ضمن خطوات لبناء الثقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التى قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اعتمادها لإقناع السلطة باستئناف المفاوضات مع إسرائيل.
أراد «نتنياهو» إقناع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) بأن توسيع حكومته بضم حزب كاديما يهدف حقا إلى دفع المفاوضات مع الفلسطينيين، رغم أن الرسالة التى بعث بها «نتنياهو» إلى الرئيس «عباس» ردا على رسالة الأخير، لم تتضمن أى جديد فى مواقفه من القضايا الجوهرية فى الصراع، بل كررتها، كما أفادت صحف إسرائيلية.
من وجهة النظر الإسرائيلية فإن الرسالة الجوابية التى بعثها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى رئيس السلطة محمود عباس مطلع الأسبوع الماضى تتضمن للمرة الأولى التزاماً رسمياً من «نتنياهو» باقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وفقا لمبدأ حل الدولتين للشعبين، وذلك فى رسالة رسمية للحكومة الإسرائيلية.
المعروف أن «نتنياهو» قد أعلن ذلك فى خطاب جامعة «بار إيلان» قبل ثلاثة سنوات، ثم أمام الكونجرس قبل عام، لكنه لم يطرح هذا الموقف أمام حكومته للتصويت أو صاغه بورقة رسمية.
غير أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اعتبرت الرسالة الإسرائيلية لا تتضمن أجوبة واضحة حول القضايا المركزية التى تعطل استئناف عملية السلام وفى مقدمتها وقف الاستيطان الذى تصاعدت وتيرته مؤخرا، خاصة فى مدينة القدس ومحيطها والاعتراف بحدود عام 1967 والالتزام بإطلاق الأسرى.
فالرسالة تتحدث عن دولة يهودية وأخرى فلسطينية قابلة للحياة، وتطالب بترتيبات أمنية معروفة، ولا تقول إن الاستيطان سيتوقف ولا تلتزم بإطلاق سراح الأسرى، وفى المجمل هى رسالة عمومية وتعيد تأكيد المواقف الإسرائيلية فى المفاوضات الأخيرة فى عمان.
فالرسالة تضمنت أن «نتنياهو» يؤيد حل الدولتين، وهذا أمر يقوله لأول مرة، دولة إسرائيل وطن قومى للشعب اليهودى، ودولة فلسطينية متواصلة وقابلة للحياة وغير مسلحة وهذه هى الصيغة الموجودة.
ولا يوجد أكثر من هذه الجملة الغامضة، فهذه الجملة جاءت استجابة لطلب أمريكى بألا تحتوى الرسالة فقط المواقف الإسرائيلية المعروفة، أى استمرار الاستيطان مع الاستمرار فى التفاوض.
بعبارة أخرى، أن تتضمن عنصرا إيجابيا مثل الحديث عن حل الدولتين حتى يتم استخدامها طعماً سياسياً، كما أن دولة قومية للشعب اليهودى صيغة أخطر من مصطلح دولة يهودية، فدولة قومية للشعب اليهودى تعنى أنها الوطن القومى، أى أنه يريد القبول بالموقف الصهيونى الأصلى بأن هذه دولة الشعب اليهودى وأرض الشعب اليهودى، وهذا لا يؤذى العرب الفلسطينيين الموجودين داخل إسرائيل فقط، وإنما الفلسطينيين الموجودين فى الضفة الغربية وغزة، ويصبح المنطق أن يتنازلوا عن جزء من أرض إسرائيل التى يحددها هو لإقامة دولة فلسطينية عليها، وبالتالى فهذا الكلام ينسف أى مرجعيات دولية سابقة، أو مرجعيات للقانون الدولى، وكل ما له علاقة بالشرعية الدولية، كما أنه ينسف الأساس الذى كان الفلسطينيون يتفاوضون عليه حتى عهد إيهود أولمرت الذى سلم بأن الأساس الذى يتم التفاوض عليه هو حدود 1967، ورسالة «نتنياهو» تريد أن تنسف هذه القاعدة وهذا الأساس، وبالتالى فالرسالة تحتوى على هذه الإشارة الوحيدة التى ربما جاءت بطلب أمريكى مغلف بموقف صهيونى، فهم يريدون أن يجلس الفلسطينيون للتفاوض دون شروط مسبقة، لأن الفلسطينيين - حسب كلامهم - أضاعوا السنوات الثلاث الماضية عبثا دون الدخول فى التفاوض والتحاور، ولو كسبوا هذه السنوات لكانوا حققوا شيئا ما.