فى الوقت الذى تواصل فيه الدراما التركية سيطرتها على الفضائيات العربية وتحقيق أعلى نسب مشاهدة، فإن مسلسل «حريم السلطان» استطاع اجتذاب الجمهور المصرى منذ بدء عرضه على قناة «الحياة»، نظراً لما يتوافر به من جو الصراع والمكائد والدسائس فى الحرملك أو مقر النساء والجوارى، الذى قلما قدم عنه عملاً مصرياً أو حتى عربياً، إضافة إلى الأساس التاريخى الذى يستند إليه المسلسل وتناوله وقائع حقيقية خاصة بالسلطان العثمانى «سليمان» الأول، وغزواته لتوسيع الإمبراطورية العثمانية فى عدة دول منها المجر وبلجراد ورودس ومحاربته النمسا والبرتغال وإيران وتحالفه مع فرنسا، ووضعه لقانون اعتبر الخطوة الأولى للدستور العثمانى فيما بعد، ما دفع لتسمية السلطان باسم «سليمان القانونى» فى دول الشرق، فى حين عرف فى دول الغرب باسم «سليمان العظيم»، إلى جانب إطاحته بوزيره الأول «إبراهيم باشا» بسبب إحدى المكائد، وارتباطه بجاريته الروسية وإسلامها ومنحها اسماً جديداً «هويام» وإنجابها منه خمسة أبناء، وتأثيرها فى البلاط العثمانى، كما كشف المسلسل علاقات «سليمان» بجواريه ونساء أخريات، وهو ما جذب الجمهور العربى بشكل كبير.
وتواصل أسرة المسلسل حاليا تصوير الجزء الثانى منه، فى حين لم تؤكد الشركة المنتجة أو تنف الشائعة التى ترددت عن ترشيح النجم الأمريكى «براد بت» للظهور كضيف شرف وتجسيد دور أحد الأمراء الأوروبيين الذى يحاربه «سليمان» ضمن أحداث الجزء الثانى، مقابل 2 مليون دولار، ورغم عدم تأكيد أو نفى الشائعة، فإنها أثارت جدلا كبيرا بين جمهور المسلسل خاصة على مواقع الإنترنت، وتحديدا «فيس بوك» الذى شهد إطلاق ما يقرب من 300 صفحة باسم المسلسل، إضافة إلى صفحات عن الجزء الثانى منه، وهاجم بعض مستخدمى الموقع وأعضاء تلك الصفحات مشاركة «براد بيت» فى العمل، وكتب أحدهم «مشاركته ما لها معنى أبدا، لأن المسلسل شرقى بحت، ومشاركة ممثل غربى ستضيع نكهته الخاصة»، وكتب آخر «هناك فنانون شرقيون غيره أفضل منه وأحق بالدور»!، إلا أن بعض المستخدمين أكدوا كذب الشائعة، وأنها ليست سوى دعاية للجزء الثانى».
ويستمر فى الجزء الثانى مكائد وصراعات النساء فى الحرملك، إلى جانب محاولات «مصطفى» الابن الأكبر للسلطان «سليمان» للسيطرة على الحكم، بعد 46 عاما من حكم والده صاحب القبضة القوية فى السيطرة على البلاد، والذى سيعانى مرضا شديدا، كما يشهد مشاركة نجوم جدد ومنهم الممثلة التركية «مليسا سوزان» التى تجسد دور جارية كرواتية بيعت للقصر العثمانى، وتحاول التقرب من الأمير «مصطفى» الذى يجسد دوره الممثل محمد جونسور، إلى جانب نجوم العمل الأساسيين: خالد أرجنتش «السلطان سليمان»، ومريم أوزرلى «هويام»، ونور أوغلو «ناهد دوران»، وسلمى أرجنتش «السلطانة خديجة»، وأوكان يلابك «إبراهيم باشا»، ونياهات تشهره «السلطانة الأم».
ورغم النجاح الكبير الذى حققه المسلسل، فإنه هوجم بشكل كبير فى مسقط رأسه، حيث اتهم بإساءته للسلطان سليمان الذى خاض فتوحات كبيرة للامبراطورية العثمانية، وتقديمه بصورة مشوهة، كقائد يشرب الخمر ويصادق الجوارى ومتعدد العلاقات النسائية، وتركيزه على الحرملك وصراعات النساء أكثر من الاهتمام بالتاريخ العثمانى، كما هاجمه نواب فى البرلمان التركى، وقدم بعض النواب وممثلون للتيار المحافظ فى تركيا أكثر من 75 ألف شكوى للمجلس الأعلى للثقافة والتليفزيون التركى للمطالبة بوقف عرضه، خصوصا أنه يعرض على شاشات العديد من الدول العربية والغربية، مما يؤدى لتشويه صورة تركيا على حد تأكيدهم، فى الوقت الذى أصبحت فيه التجربة التركية نموذجا مطلوبا فى الدول العربية التى قامت بثوراتها، وهو ما ردت عليه كاتبة المسلسل «ميرال أوكاى» قبل وفاتها منذ أسابيع قليلة: «لقد فتحنا ملفاً مغلقاً، ودخلنا الحرملك الذى لم يتناوله أحد من قبل، ولم يكن سوى طرحا من الخيال فى عقول المبدعين، لكننا جعلنا الشخصيات التاريخية الكبرى التى لا تمس وتحظى بالاحترام قريبة منا، جسدناها كبشر يغضب ويخاف ويحب».
أيضا تقدمت وزارة السياحة التركية بشكوى ضد منتجى المسلسل بتهمة الإضرار بالمواقع الأثرية والتصوير بها دون تصريح رسمى، واتهامهم بحفر نافورة فى أحد القصور الأثرية لحاجة الدراما له، وهو ما أكدت الوزارة أنه إضرار شديد الخطورة، والطريف أن المدافعين عن المسلسل اعتبروا ذلك شيئا هينا مقابل ما أحدثه، حيث اعتبروه أعظم عمل قدم فى الدراما التاريخية على الإطلاق على حد تأكيدهم، نظرا لقدرته على ربط المشاهد بعمل تاريخى - وهو ما يندر حدوثه - من خلال مزجه بين الحكى الاجتماعى لحياة سليمان «القانونى» كما عرف فى الشرق، ونفوذ زوجته «هويام» وتحديه عرف البلاط الملكى بزواجه واحدة من حريمه وبين الأحداث التاريخية الجادة التى توجد فى آلاف الكتب، مشيرين إلى أن ما ساعد على جذب المشاهدين له أيضا هو الأزياء اللافتة للأنظار التى تظهر عظمة وأناقة النساء فى القرن السادس عشر، حيث تم إظهار الفساتين التى تم تفصيلها من أجود أنواع الحرير والساتان والمطرزة بالخيوط الذهبية، وأيضا الاكسسوارات الأنيقة، وكل ذلك زاد من تكلفة المسلسل الذى بلغت 6 ملايين دولار، وزاد الإنفاق على كل حلقة فيه مبلغ 50 ألف دولار بسبب الأزياء.