«أنا مش هربي أولادي من فلوس حرام، إنت عندك بنت وطفل جاي بعد شهرين».. كانت تلك آخر ما قالته الزوجة لزوجها، قبل أن تدفع حياتها ثمنا لمحاولة إثنائه عن الإتجار في المخدرات، خنقها لينهي آلام 15 يومًا من الجوع، وليبدأ فصلا جديدا من المعاناة.
الجريمة لم تستغرق سوى7 دقائق، لكن نتائجها دمرت أسرة الى الأبد، ففقدت الزوجة الشابة حياتها، وبدأت رحلة عقاب الزوج بحبسه بتهمة قتلها، بينما لم يتوقف بكاء طفلتهما الوحيدة - سنه وشهرين- عن البكاء، أما السبب فهو قسوة الجوع، فشل فيها الأب المتهم في توفير طعام لأسرته بعد تعطله عن العمل وعجزه في الحصول على فرصة أخرى..
احترف الاتجار في المخدرات، وعندما علمت القتيلة، وبخته وصرخت في وجهه: «أنا مش هربي أولادي من فلوس حرام».. نشبت بينهما مشاجرة، أطبق على عنقها، ولم يفق إلا بعد أن لفظت أنفاسها، وسقطت جثة هامدة، جلس يبكي إلى جوارها لمدة ساعتين، يقبل يديها وقدميها، لكن بعد فوات الأوان.
التفاصيل رواها المتهم «علاء.ع» لـ«المصري اليوم» قائلا:«أنا من أسرة فقيرة تضم نصف دستة أشقاء، بالإضافة إلى الأب والأم، لم نكمل تعليمنا، حصلت أنا على الشهادة الاعدادية، وبدأت العمل في صيدلية، وبعدها ورشة ثم محل إلكترونيات وتوصيلات الدش، كنت أحصل على 800 جنيه من الصيدلية قبل الزواج، وأعيش في جزيرة الدهب مع أسرتي.. أثناء عملي في وصلات الدش تعرفت على حنان (الزوجة القتيلة)، طلبت منها الزواج، ووافقت لكن أسرتها رفضتني، هربنا بعيدا عن الأسرتين، واتهمني والدها باختطافها واحتجازها، وتم القبض علينا، وحجزونا لمدة أسبوع على ذمة التحقيق، ولما رفضت زوجتي اتهامي بالخطف أفرجوا عنا، وتزوجنا في أبريل 2010، وأقام أصحابي لنا حفل عرس على حسابهم.
يصمت «علاء» ويتوقف عن الحديث لبرهة ثم ينهمر في البكاء، ويواصل: «بعد زواجنا عملت في شركة، كنت أتقاضي 450 جنيها راتبا شهريا، ورزقنا الله بابنتي (روان)»، ثم يخرج صورتها من جيبه ويطلب مني رؤيتها.
ويضيف «علاء» :«كنت فرحان بيها أنا وأمها.. بدأت اشتغل سائق على توك توك مرة، وفي صيدلية مرة تانية، ورجعت شغل وصلات الدش منذ 7 شهور قبل الجريمة.. مراتي قالتلي إنها حامل وفي الشهر السادس، ففطمنا (روان) من الرضاعة، وبقيت أشتري لها كل يوم علبة زبادي، وكل أسبوع علبة لبن» .
وواصل:«سبت الشغل، وتراكم إيجار الشقة 300 جنيه في الشهر، قامت مراتي باعت دبلتها ودفعنا الإيجار، قعدت 3 شهور عاطل استلف من كل معارفي مرة 5 جنيه، ومرة عشرين جنيه لما بطلت الناس تسلفني، وأبويا وأمي على المعاش ويادوب بيكفيهم أكل وشرب».
وأكمل «علاء» سرد تفاصيل معاناته: «بدأت مراتي تشتري بطاطس وتسلقها وتأكلها لـ(روان )، لأني مبقتش عارف اشتري الزبادي، وكانت بتروح عند أبوها تأكلها هناك، مكنش عندنا أكل في البيت ولا رغيف عيش حاف.. وعرضت عليّ جماعة من المنطقة أبيع (حشيش) ولقيت الحكاية سهلة، وبدأت بيع الحشيش، من يوم 27 أبريل 2012، اشتغلت 10 أيام ماجمعتش 50 جنيه على بعض.. خطيبة واحد صاحبي قالت لمراتي».
ويستطرد: «يوم الثلاثاء الماضي قالت لي :(يا علاء حرام عليك أنا عايزة أربي بنتي وابني من الحلال لازم تبطل الشغلانة دي)، ..كنا بنتكلم مع بعض، حصلت خناقة، وهدينا، ووعدتها إني أبطل، لكن لكا مبقاش في جيبي فلوس، والبنت بتصرخ من الجوع، وبطنها وجعتها من البطاطس، ووجع الحمل بيزيد على مراتي، اتجننت وبقيت مش عارف أعمل إيه».
وحول ما حدث يوم الجريمة يقول: «يوم الحادثة حدثت مشاجرة بيننا، هي صممت إنها تسيب البيت وتروح بيت أبوها، وبدأت تجمع هدومها، كنت بامنعها - يصمت ويردد: والله مكنش قصدي اقتلها هي كان جسمها ضعيف لفيت إيديا حولين رقبتها وخنقتها-، بنتي هي اللي شاهدة على الجريمة، ولما وقعت مني لطمت، وقلت أنا قتلت بنتي ومراتي، وقعدت جنب جثتها ساعتين أبوس إيديها ورجليها، وأحاول أفوقها وأقول لها: ( يا حنان قومي علشان نربي روان وابننا اللي جاي)، لكنها ماسمعتنيش علشان كانت ماتت».
« ربنا يسامح اللي كان السبب، ويجازيني على اللي عملته.. مافيش حد بينام بالجوع».. ذلك آخر ما قاله «علاء»، قبل أن يطلب مني إنهاء المقابلة، ويطلب من المأمور إعادته مرة أخرى لمحبسه.