تحليل اجتماعى: «موسى» و««أبوالفتوح»» قدما نفســـيهما فى صورة الرئيس الفرعون وهمشا المرأة

كتب: اخبار الجمعة 11-05-2012 19:35

طوال الساعات الثلاث، التى استغرقتها المناظرة بين مرشحى الرئاسة عبدالمنعم «أبوالفتوح» وعمروموسى، قدم كل منهما نفسه لجمهور الناخبين من خلال إجاباته عن الأسئلة. وبالطبع اختلف المرشحان بصفة عامة فى كيفية تعامل كل منهما مع القضايا المطروحة عليهما وفى أسلوب الحديث أثناء المناظرة، الذى يعكس سمات شخصية المرشح التى يهتم بها المحللون النفسيون، لكن الاختلاف الأهم والذى صبغ كل الجوانب الأخرى من وجهة نظرى كمحلل اجتماعى، هو نوعية وطبيعة الجمهور الذى اختار كلاً منهما أن يوجه خطابه إليه أو يخطب وده. وقد اختار «أبوالفتوح» منذ بداية المناظرة وعند إجابته على السؤال الأول الخاص بشكل الدولة، التى سيعمل من أجلها التعامل مع جمهور الناخبين على أنه جمهور غير متجانس رغم تسليمه بأنه متجانس فى صفة المصرية. وكانت الصفة التى صنف المصريين ضمنيا وفقاً لها هى الثورة على النظام مقابل الدفاع عن النظام وهى التى ظل يبرزها طوال المناظرة، تأكيدا على أن منافسه عمروموسى من رجال النظام الذى ثار عليه الشعب، وظل «أبوالفتوح»» طوال المناظرة وعند إجابته على كل الأسئلة تقريبا يعلن انحيازه الصريح للثورة وعداءه لنظام مبارك. فقد قرر عند سؤاله عن شكل الدولة التى يريدها أنها الدولة التى تليق بدماء الشهداء والشباب الطاهر الذى قدم الدماء والعيون والأرواح، والذى ثار لإسقاط النظام.

بينما اختار «موسى» التعامل مع جمهور الناخبين على أساس أنهم جميعا مواطنون فهو يريد دولة يطمئن فيها المواطن على حياته وأسرته فى كل أنحاء مصر، دولة محترمة فى منطقتها وفى العالم وتستجيب لمطالب شعبها وتنصر المظلومين والمهمشين دولة فتية ودستورية. ولم يذكر «موسى» الثورة إلا مرة واحدة بشكل عارض، ولم يذكر كلمة «ثوار» ولا مرة، ولم يشر إلى أى من أهدافها وحديثه كله لو أذيع وحده لن يعرف المشاهد إن كان قد أدلى به قبل الثورة أو بعدها.

واستمر ««أبوالفتوح»» يعلن انحيازه لكل الفئات الفقيرة والمهمشة مع تسميتها عند الإجابة على كل سؤال، فعندما سئل عن أحداث العباسية، أعلن أنه كان بين المتظاهرين ودافع عن حق التظاهر السلمى والاعتصام وحقهم فى حماية الدولة لهم وأدان السلطات وحملها مسؤولية ما حدث من جرائم، بينما قرر موسى أنه أجرى اتصالات بالحكومة لمنع التدهور وأن أحداث العباسية استغلت انتخابيا وأنها حدثت لأننا فى مرحلة انتقالية وبها توتر. ظاهريا يبدو «موسى» محايداً بين السلطة والمتظاهرين، وداعيا للوحدة والأمن والأمان.

وعند السؤال عن الإضرابات الفئوية قرر «أبوالفتوح» أنها حق مشروع وأنها تنتهى عندما يعمل الرئيس على تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، بينما لم يشر «موسى» لأهداف الثورة والتغيير الجذرى، واتخذ موقفا محايدا إصلاحيا، بقوله: «إن الدولة لا بد أن تستعد لإصلاح الأحوال بخطط واضحة لرفع مستوى الحياة ومراعاة الفئات المظلومة». ومع التسليم بالاختلاف الجوهرى بين المرشحين فى نوعية الانحياز الذى عبرا عنه خلال المناظرة، إلا أن هناك تشابها بينهما فى أمرين، أولهما تهميش المرأة فى المناظرة فلم تحتل قضاياها اهتماما يتناسب مع كونها تشكل نصف الناخبين، والأمر الثانى وهو شىء غير معلن ولا يلتفت إليه الكثيرون، وهو تصوير كلٍ منهما لنفسه على أنه قادر وحده على تحقيق ما يعد به وهو شىء لا يمكن أن يحدث إلا عند عودة الرئيس الفرعون، لأن كل تصرفات الرئيس ستحكمها طبيعة القوى الاجتماعية الاقتصادية والسياسية على مؤسسات الدولة أثناء مدة رئاسته.

يبقى أن وعى الناخب هو الذى سيحدد ما إذا كان سيثق فى الخطاب الذى يتوجه المرشح به إليه ومدى مصداقيته وأن مواقف المرشح بعد فوزه هى التى ستكشف انحيازاته الحقيقية.

الشئ المؤكد أنه لولا ثورة ٢٥ يناير لما كانت هذه المناظرات بين مرشحين للرئاسة، ليس بينهم واحد فى السلطة ويقف كل منهم على قدم المساواة مع غيره من المرشحين لتصبح مصر قدوة للعالم العربى من حولنا.