قال الدكتور محمود أبو العيون، محافظ البنك المركزي السابق، إن الاختلال الموجود في المالية العامة خلال السنوات الثلاث المقبلة «سنتجرع بسببه المر»، محذراً من وضع مزيد من القيود على القطاع الخاص، لأنه سيكون المسؤول عن تغيير مصر وتحسين الاقتصاد.
وشدد «أبو العيون»، خلال ندوة «أولويات السياسة النقدية واستهداف التضخم»، التي عقدها المركز المصري للدراسات الأربعاء، على ضرورة مراجعة سياسات الإنفاق العام «التي تتسم بالسفه»، مطالباً البنك المركزي والجهات المسؤولة عن إدارة الاقتصاد بمصارحة الشعب المصري بالحقائق، لأن «الشعب ليس جاهلاً ويفهم أفضل من المتخصصين لأنه موجوع القلب والجيب».
وأشار إلى وجود خلط في الصياغة القانونية بين قانون البنك المركزي ولائحته التنفيذية، وانتقد أسلوب احتساب معدل التضخم الأساسي، الذي يعتمد على استبعاد السلع المحددة أسعارها إدارياً، رغم ارتفاع أسعارها الفعلية في الأسواق بدرجة بعيدة عن الأسعار المحددة من جانب الحكومة، وأبرز الأمثلة على ذلك أسطوانة البوتاجاز المحدد سعرها بـ5 جنيهات، رغم أن سعرها الفعلي في السوق يصل إلى 40 جنيها، وكذا الوضع بالنسبة للخبز.
وطالب بوضع آلية لمحاسبة البنك المركزي في حالة فشله في إدارة السياسة النقدية، أو استهداف التضخم عندما يبدأ فيه.
وأوضح أن القرار الأخير الخاص بتخفيض الاحتياطي لدي البنك المركزي إلى 12% بدلا من 14%، كان هدفه الأساس تمويل أذون الخزانة، لافتاً إلى أن مثل هذه القرارات فيها انحياز واضح للحكومة، وأن هذا يدعو للتساؤل عن مدى استقلالية البنك وقراراته.
وأكد «أبو العيون» خطأ السياسة الحكومية الحالية، وكذا دور البنك المركزي في العمل على خفض التضخم، من خلال كبت الأسعار وليس اعتماداً على سياسات اقتصادية، مشدداً على ضرورة تحديد أسلوب التعامل والسياسة الاقتصادية تجاه الاستثمارات الأجنبية في الدستور الجديد، موضحاً أن ضخ الاستثمارات في السنوات السابقة كان يعتمد على مباركة من النظام.
من جانبها، قالت الدكتور رانيا المشاط، وكيل البنك المركزي، إن استهداف التضخم لابد أن يتم من خلال تحديد قواعد تشارك في تطبيقها كل الجهات وليس البنك المركزي وحده، مشيرة إلى أن تجارب الدول أثبتت أن الدول التي استهدفت التضخم، استطاعت اجتياز الأزمة العالمية بصورة أسرع وأفضل.
وأكدت وجود عدة متطلبات لاستهداف التضخم أولها انضباط المالية العامة للدولة، وخفض العجز ليتواءم مع استهداف التضخم، مشيرة إلى أن نسبة العجز يجب ألا تتجاوز 3% لاستهداف التضخم.
وأشارت إلى ضرورة بناء قطاع مصرفي قوي وذات ملاءة مصرفية، تمكنه من المساهمة في تطبيق آليات استهداف التضخم، لافتة إلى أن استهدافه يسهم في اتخاذ قرارات أكثر وضوحاً على المدى الطويل لدى القطاع العائلي والخاص.
ودعت الدكتور فائقة الرفاعي، نائب محافظ البنك المركزي سابقا، إلى تحديد دور البنك المركزي في ضبط و توجيه الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، كما دعت إلى إيجاد تناسب منطقي بين معدل الادخار والاستثمار المستهدف، والتركيز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وقالت الدكتور ماجدة قنديل، المدير التنفيذي للمركز: «إن البنوك تفضل اللجوء لإقراض الحكومة، وإن التوسع في هذا الاتجاه كان على حساب تراجع الائتمان للقطاع الخاص، منتقدة التوسع الحكومي في الاقتراض الموجه للاستهلاك على حساب الاستثمار.«