كبير الأطباء الشرعيين: لا جروح قطعية بجثث «مذبحة بورسعيد».. والأهالي يحتجون

كتب: شيماء القرنشاوي الأربعاء 09-05-2012 14:36

استمعت محكمة جنايات بورسعيد، في جلسة شابتها أجواء من الدهشة والمشادات لشهادة الدكتور إحسان كميل جورجي، كبير الأطباء الشرعيين في قضية مجزرة بورسعيد، والمتهم فيها 73 شخصًا بينهم 9 من القيادات الأمنية ومسؤولي استاد بورسعيد في الأحداث التي وقعت في مباراة الأهلي والمصري، أول فبراير الماضي، والتي راح ضحيتها 71 شخصًا من مشجعي وألتراس الأهلي.

واعترض أهالي المجني عليهم على ما أورده الشاهد في بداية شهادته، والتي رد فيها على سؤال للدفاع نافيًا وجود جروح قطعية بجثث المجني عليهم التي ناظرها وقتها بتشريحها، ليصرخ أحد أهالي المجني عليهم «أنا جراح والكلام ده مش حقيقي أنا إبني كان مجروح»، وتدخلت المحكمة لإنهاء تلك المشادات بعدما قال أحد محاميّ المتهمين «ياسيادة القاضي أرجوك إحمي الشاهد من المحامين بالحق المدني».

فيما قال المحامي رجائي عطية، رئيس هيئة دفاع عن المدعين بالحق المدني: «أرى الأسئلة توجه لانتزاع إجابات لا محل لها من الإعراب، ولابد للمحكمة أن تتدخل لضبط الأمور»، ليصفق له أهالي المجني عليهم، وتستجيب له المحكمة موجهة حديثها لدفاع المتهمين بضرورة توجيه الأسئلة ذات الصلة بموضوع القضية وعدم الخروج عن ذلك.

وأثناء توجيه أسئلة من دفاع المتهمين للشاهد، سادت حالة من الضحك بين الحضور بعدما طلب أحد محامي المتهمين من المحكمة الاقتراب من الشاهد قائلا للقاضي «ممكن أقرب من الشاهد عشان يقولي قاع جمجمتي فين؟»، ليرد القاضي «حضرتك عايز تعرف ده لنفسك ولا للناس بشكل عام؟»، ليعاود الحضور التهامس والضحك على سؤال الدفاع.

كانت المحكمة قد بدأت جلستها في العاشرة والنصف صباحًا، بحضور من أعلمتهم النيابة من الشهود، واستهلت الجلسة بسماع شهادة إحسان كميل جورجي، كبير الأطباء الشرعيين؛ حيث وجهت له المحكمة في البداية عدة أسئلة فكانت إجابته على أولها أنه لم يطلع على أي من أوراق الدعوى، وأن التزاحم والتدافع قد يحدث إعاقة لميكانيكية التنفس، مؤكدًا أن هناك عوامل أخرى غير التدافع والتزاحم تؤدي إلى ذات النتيجة، مثل نقص الأوكسجين، أو الارتطام بأجسام صلبة، وغيرها.

وسألته المحكمة عما إذا كان هناك حدًا معينًا للارتفاع عندما يسقط أحد من علو يؤدي للوفاة، فأجاب الشاهد بالنفي، وقال الشاهد «أنه لا يوجد فرق بين السقوط من علو إراديا أو غير إراديا» مشيرا إلى أن الوفاة التي تحدث نتيجة السقوط من علو قبل الارتطام بالأرض تحدث في حالات محددة نتيجة السقوط من ارتفاعات شاهقة مثل الطائرات، فينتج عنها تجمد في الدم وانسداد في الأوعية الدموية، وتحدث الوفاة قبل الوصول للأرض والارتطام بأي جسم صلب.

وبدأ دفاع المدعين بالحق المدني في سؤال الشاهد، فقال في بداية إجابته أن هناك كسور قد يحدثها التدفاع لكنها لا تكون مصحوبة بإصابات ويضيف «أن أي من الجثث التي عرضت على الطب الشرعي لم يكن بها إصابات قطعية»، وهنا اعترض احد أهالي المجني عليهم قائلا «أنا طبيب جراح، وجثة ابني كان فيها جرح قطعي، إزاي يقول إن مفيش جروح في الجثث»، لتتعالى أصوات أهالي المجني عليهم اعتراضًا على أقوال الشاهد، وهددهم القاضي بإخراجهم من القاعة إذا لم يلتزموا بنظام الجلسة، ليقف أحدهم قائلا «إحنا أسفين ياباشا».

وتستكمل المحكمة سؤال الشاهد من قبل المدعين بالحق المدني، والذي أكد فيها أنه لم يوقع الكشف الطبي على جميع الجثث ولكنه ناظر 42 جثة، واحدة فقط كانت في بورسعيد والباقي في القاهرة، بينهم حالتين لجثتين كانتا مجهولتين الهوية، ووجه أحد المحامين سؤالا للشاهد: «هل كل وفاة قتل؟ وهل كل قتل يعتبر وفاة؟»، ليتهامس الحضور بالضحك، وهنا يقف المحامي رجائي عطية طالبًا الحديث للمحكمة ويقول إن الطبيب الشرعي في بداية شهادته يفسر سيناريو ولا يضع سيناريو، وأن الأسئلة توجه لانتزاع إجابات لا محل لها من الإعراب ولابد للمحكمة أن تتدخل لوقف هذا الجدل، ليعترض دفاع أحد المتهمين قائلا «نرجو من المحكمة حماية المتهمين بالحق المدني»، ليعاود عطية قائلا «أنا ولي الدم، ولي حقوق وإذا كان على المقاطعة فأنا أيضا بإمكاني مقاطعة أي شخص»، ليصفق له أهالي المجني عليهم.

ثم بدأ دفاع المتهمين في توجيه أسئلتهم للشاهد، وقال أحدهم إن ما قاله الأستاذ «رجائي» حق، ولكن من حقنا أيضا سؤال الشاهد بصفته عالم في تطبيق قواعد علمية لا يطبقها سواه، ويبدأ بسؤاله عن كيفية تحديد ما إذا كانت الوفاة نتيجة حادث جنائي من عدمه، ليرد الشاهد أن هناك عناصر فنية، يبحث فيها الطبيب الشرعي خلافًا إلى ذلك وأن في مصر يتم تحديد الوفاة بطريقة الاستبعاد.

وأضاف الشاهد ردا على ضرورة تحليل عينة دم للمجني عليهم أثناء التشريح أن «هناك حالتين فقط يلجأ فيها الطبيب الشرعي لتحليل عينة الدم، أولهما إذا كانت الجثة مجهولة الهوية، والثانية إذا كانت الوفاة مشكوك في أنها نتيجة سموم».

وردت المحكمة على سؤال جاء من أحد المحامين عن سبب عدم تشريح جميع الجثث، بأن الإجابة في أوراق التحقيقات وعليه الرجوع إليها، وعن الكسور في قاع الجمجمة سأل أحد محامي المتهمين الطبيب الشرعي، عن حالات الكسور في الجمجمة، وطلب من المحكمة أن تسمح له بالاقتراب من الشاهد قائلا «أنا عايز أسأل الدكتور.. أنا قاع جمجمتي فين؟»، لتسود حالة من الضحك في قاعة المحكمة ويقول القاضي «أنت عايز ده بالنسبة لحضرتك ولا للناس عامة؟»، لترفض بعدها المحكمة توجيه السؤال للشاهد.

وبعدها حدثت مشادة أخرى، بين دفاع المتهمين والمدعين بالحق المدني، قال فيها دفاع المتهمين إن «المدعين بالحق المدني يحاولون إثارتهم، وعايزين يمشّوا القضية على مزاجهم»، ليرد القاضي «مش كل دقيقة هفكركم إنكم زملاء وممكن في يوم من الأيام في قضية أخرى يقف كل منكم في مكان الآخر، فأرجوكم تعاونوا لنتمكن من استكمال سير الجلسة».

ثم رفعت المحكمة الجلسة تمهيدًا لاستكمالها بعد ذلك بمشاهدة الإسطوانات المسجل عليها تسجيلات لما حدث باستاد بورسعيد.