وزير الموارد المائية السوداني: مصر تلعب دوراً مهماً فى نزع فتيل الأزمة بين الخرطوم وجوبا (حوار)

كتب: متولي سالم السبت 05-05-2012 21:30

يؤمن الدكتور سيف الدين حمد عبدالله، وزير الموارد المائية السودانى، بضرورة تحويل منطقة حوض النيل إلى تجمع إقليمى يستهدف مصالح شعوب الحوض فى التعاون المشترك. وأكد عبدالله، أحد كبار المسؤولين السودانيين عن وضع الخطط الإستراتيجية لسياسة السودان المائية، التى تؤثر بدرجة كبيرة على الأمن المائى لمصر، أنه يعوّل على دور كبير وحيوى للقاهرة فى حل الخلافات الدائرة بين الخرطوم وجوبا. وطالب بالعمل المشترك بدرجة أكبر لتحقيق مصالح الدول الثلاث. واستبعد عبدالله قيام إسرائيل بمساعدة دولة جنوب السودان لإنشاء عدد من السدود فى أراضيها لحجز المياه عن مصر والسودان. «المصرى اليوم» التقت الدكتور عبدالله فى الخرطوم، وإلى نص الحوار.

ما تأثير مشروعات أعالى النيل على مصر والسودان؟

- ليست هناك أضرار من إقامة هذه المشروعات على حصتى مصر والسودان من مياه النيل من الناحية الفنية، والخلافات بين دول حوض النيل بسبب هذه المشروعات سياسية وليست فنية، وإذا تمت المشروعات فى الهضبة الإثيوبية بالتنسيق مع مصر والسودان فستكون من مصلحة الجميع، ومن المهم أن ننسق ونتعاون مع الجانب الإثيوبى من أجل المصالح المشتركة للدول الثلاث. ويمكن أن تتحول هذه العلاقة إلى تكامل اقتصادى يجمع دول حوض النيل الشرقى من أجل الاستفادة من الميزة النسبية لكل دولة من هذه الدول.

لكن وسائل الإعلام تشير باستمرار إلى وجود خلافات مستمرة بين دول الحوض.. أين الحقيقة؟

- لا توجد خلافات بين دول أعالى النيل من جانب ومصر والسودان من جانب آخر، فالبلدان وافقا على جميع المشروعات التى طرحتها الدول الست التى تبنت اتفاقية «عنتيبى» الإطارية، وأؤكد أن الخلافات بين دول حوض النيل هى مجرد خلافات سياسية فقط، ليس أقل ولا أكثر.

هل التعاون هو الحل الوحيد لإنهاء الخلافات بين دول حوض النيل الشرقى؟

- بالتأكيد، التعاون المشترك هو السبيل لتحقيق المنافع من إقامة السدود الإثيوبية، ودون التعاون سيقل التفاهم بين هذه الدول، ولا يمكن تحقيق فوائد ملموسة دون تعاون وتنسيق تام بين الدول الثلاث.

وماذا عن التوقعات المتعلقة بنوايا جنوب السودان لإقامة عدد من السدود فى أراضيها؟

- لا يمكن لجنوب السودان أن تحجز مياه النيل عن مصر والسودان حتى لو أقامت سدودا على أراضيها، لأنها ستكون لتوليد الطاقة وليس لحجز مياه النهر للزراعة لأنه من الناحية الفنية لا يمكن حبس المياه فى جنوب السودان عن مصر والسودان.

كيف ترى الدور المصرى فى حل الخلافات بين الخرطوم وجوبا؟

- هناك مصالح مشتركة بين شمال وجنوب السودان ومصر، والقاهرة تلعب دورا مهماً فى نزع فتيل الأزمة بين الخرطوم وجوبا، وهناك دور كبير لمصر يمكن أن تلعبه بحكم أهمية هذا الملف بالنسبة لمصر لتحقيق التقارب بين السودان وجنوب السودان، لأن المصالح المصرية مرتبطة بتحسين العلاقة بين الدولتين، ويجب أن تعى مصر أن ملف المياه يجب أن ينال الأولوية، لأن ملفات اختيار الحكومة والرئيس أشياء مؤقتة، بينما ملف التعاون بين الدول الثلاث هو الأكثر أهمية للمصالح المصرية، وأعتقد أن مصر يجب أن يكون لها دورا رئيسيا فى التعاون بين الخرطوم وجوبا، والقاهرة ستستفيد فى حالة وجود علاقات متميزة بين السودان وجنوب السودان.

ما الآثار التى ستترتب على إنشاء سد النهضة الإثيوبى بالنسبة لمصر والسودان؟

- هذا السد يقلل من وصول الإطماء إلى السودان، ففى خزان الروصيرص تسبب الإطماء فى تناقص السعة التخزينية له من 3.4 مليار متر مكعب من المياه إلى 1.9 مليار متر مكعب، وفى نفس الوقت تناقصت أيضا قدرة سد سنار على التخزين من 930 مليون متر مكعب من المياه إلى 300 مليون متر مكعب، والسودان تتحمل 12 مليون دولار سنويا لتطهير مشروع الجزيرة. ونحن نتأثر بالإطماء أكثر من مصر على امتداد النيل الأزرق ونهر النيل وهو ما ينعكس على قدرة طلمبات الرفع ويحد من كفاءة تشغيلها، بينما يقوم السد العالى باحتجاز الإطماء أمامه ما يقلل من تأثر مصر به حيث ترسب بالسد العالى أكثر من 7 مليارات متر مكعب، 80% منها بالسعة الحية للخزان.

معنى هذا أن سد النهضة يفيد القاهرة والخرطوم؟

- نعم لأنه يقلل من وصول الإطماء بنسبة 70% فى السودان، كما أنه يقلل من التأثير المستقبلى للإطماء على السد العالى فى مصر والسعة التخزينية لبحيرة ناصر.

وماذا عن تأثير هذا السد على خطط إثيوبيا فى التوسع الزراعى والحد من الحصص المائية لمصر والسودان؟

- جميع السدود التى يمكن إنشاؤها على نهر «الأباى» أو ما يطلق عليه النيل الأزرق، تأثيراتها محدودة فى التوسع الزراعى، وتوجد بها إمكانيات كبيرة لتوليد الطاقة، ويمكن أن تساعد فى توفير طاقة رخيصة للسودان ومصر، وتقلل الإطماء على السد العالى، إذ يترسب أمامه أكثر من 7 مليارات متر مكعب من الطمى خلال العقود الماضية، وهو ما يؤثر بدوره على السعة التخزينية الحية لبحيرة ناصر، ويقلل من كفاءة وتشغيل السد العالى.

هل تقصد أن للسدود الإثيوبية فوائد على البلدين؟

- نعم، فإنشاء سد النهضة يمكن أن يساهم فى ضبط فيضان النيل، ويقلل من معدلات البخر أمام السد العالى التى تصل حاليا إلى 10 مليارات متر مكعب من المياه سنويا، بينما تصل نسبة البخر فى السدود السودانية إلى أكثر من مليارى متر مكعب من المياه سنويا، ويمكن تقليل نسبة البخر فى هذه المناطق بنسبة 50%، وكل هذه المزايا تؤدى إلى توفير 6 مليارات متر مكعب من مياه النيل لصالح حصة مصر والسودان.

لكن هناك مخاوف من احتمالات توسع إثيوبيا زراعيا على حساب حصة مصر والسودان من مياه النيل؟

- احتياجات إثيوبيا من مياه النيل الأزرق خلال المائة عام المقبلة تصل إلى 3.1 مليار متر مكعب من المياه، و40% من هذه المشروعات فى إثيوبيا تنقصها الجدوى الاقتصادية والفنية، لذلك هناك فرصة لمصر والسودان للتنسيق والتعاون مع إثيوبيا لتنفيذ هذه المشروعات لصالح شعوب الدول الثلاث.

ماذا عن الموارد المائية للهضبة الإثيوبية وعلاقتها بإيرادات نهر النيل؟

- حوض بحيرة تانا الإثيوبية ونهر «الأباى» أو النيل الأزرق يسقط عليهما 410 مليارات متر مكعب من المياه يصل منها إلى الخرطوم 54 مليار متر مكعب سنويا، وهناك كميات كبيرة من هذه المياه تضيع فى هذا الحوض، وتعادل كميات المياه الورادة من بحيرة تانا إلى النيل الأزرق 7-8% من إيراداته المائية، وهناك أيضا روافد أخرى تغذى النيل الازرق مثل مجش وريب وجميرا وجيجل أباى وتانا بيلس وفنشا وإنجر وديدسا ودابوس، وهذه الروافد تغذى نهر الأباى، ومن ثم النيل الأزرق وهذه المناطق توجد بها بعض المساحات الصغيرة التى يمكن ريها من النهر من 3 إلى 20 ألف هكتار كحد أقصى للزراعة فى هذه الروافد، وهناك إمكانيات هائلة لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر الأباى بسبب شدة الانحدار والعمق وقلة التبخر ولا توجد بها إمكانيات زراعية فى هذا الحوض، وعليه يمكن استغلال هذه الطاقة لصالح مصر والسودان، ويجب أن تكون هناك نظرة إقليمية لمصر والسودان وإثيوبيا إذا استبعدنا الحدود السياسية، فهناك إمكانية كبيرة للتكامل الاقتصادى، والمصالح المشتركة يمكن أن تدعم بعضها البعض، لذلك فإن السدود الإثيوبية ستزيد من حصة مصر والسودان من مياه نهر النيل، وستقلل من معدلات البخر لمياهه أمام السدود السودانية والسد العالى.

وما تأثير السدود فى الهضبة الاستوائية على موارد نهر النيل؟

- هذه الموضوعات يتم استغلالها سياسيا فى دول حوض النيل الاستوائى، ولا توجد جدوى فنية من إقامة تلك السدود كما لا توجد مواقع يمكن لها أن تحجز المياه عن مصر والسودان، أما فى الهضبة الإثيوبية فإن المواقع التى يمكن أن تحجز المياه فتزيد من حصة مصر والسودان، وستكون قدرتها محدودة فى رى الزراعات بهذه المناطق وليست خصما من حصة البلدين. فنحن نعرف طبيعة الأنهار بالهضبة الاستوائية شبراً شبراً، ولا يوجد بها ما يهدد الأمن المائى المصرى والسودانى الآن.

ما حقيقة التواجد الإسرائيلى فى دول حوض النيل؟

- أعتقد أن موضوع التواجد الإسرائيلى فى دول الحوض هو موضوع «سياسى» فقط، ولكل دولة الحق فى أن تتحرك وفقا لمصالحها، وعلينا أن نعرف أين مصالحنا، وكيف نحافظ عليها.

وماذا عن الاستثمارات السعودية لزراعة مليونى فدان بالسودان؟

- حسب علمى فان هذه الاستثمارات ستكون مخصصة فى منطقة البحر الأحمر، شرق السودان، وستعتمد فى الرى على المياه الجوفية لأن السودان لديها خزانات جوفية هائلة، إضافة إلى أن أغلب الاستثمارات الزراعية العربية تعتمد على المياه الجوفية وليس على مياه نهر النيل. وجميع الخطط السودانية للتوسع الأفقى ستكون من خلال التركيز على الخزانات الجوفية.