24 ساعة تفصل الفرنسيين عن تحديد رئيسهم المقبل الذي سيحكم البلاد لمدة 5 سنوات. السباق نحو قصر «الإليزيه» دخل أمتاره الأخيرة الحاسمة، ولئن اختلفت برامج كل من اليميني نيكولا ساركوزي والاشتراكي فرانسوا هولاند، إلا أنها تتفق على ضرورة إحداث تلبية مطالب الفرنسيين في التشغيل وتحسين القدرة الشرائية والأمن.
أما السياسة الخارجية الفرنسية مع العالم العربي فتبقى من بين أكثر النقاط إهمالا للناخب ومن ثم في برامج المرشحين. حتى خلال المناظرة التلفزيونية التي دارت بين الرجلين مساء الأربعاء غابت السياسة الخارجية باستثناء مسألة الانسحاب من أفغانستان وسبل التعاطي مع الوضع في مالي والنيجر، إذ لا يزال 8 فرنسيين محتجزين هناك. من هنا كان من الضروري أن تواجه «المصري اليوم» الحزبين المتنافسين بالسياسات المرتقبة لرجليهما حال فوزهما.
وحول تعاطي الرئيس الجديد مع الثورات العربية لاسيما في مصر، قال المتحدث باسم الحزب الاشتراكي، آلان أموني، في حديث خاص، إن «تغييرا جذريا مرتقبا ستشهده العلاقات الفرنسية مع الدول العربية من منطلق النظرة الاشتراكية واليسارية لحقوق الإنسان والشعوب».
وأضاف «خلافا لساركوزي الذي يتبع سياسة المماطلة والأخذ والرد، فإن هولاند سيكون أكثر راديكالية وفاعلية، كما أنه صرح بالفعل بأنه سيساند تدخلا عسكريا في سوريا لحماية السوريين من النظام القائم، تحت رعاية أممية، وبالاتفاق مع الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي. كما أن سياسته الخارجية ستكون أكثر قربا من الشعوب بدلا من الحكومات كما دأبت على ذلك الحكومات اليمينية».
واعتبر أموني أن سياسيات الحكومة اليمينية لساركوزي انعكست على «المباركة الفرنسية الخجولة والمتأخرة لثورة المصريين»، مؤكدا أن «الاشتراكيين يساندون تماما ثورة الشعب المصري وأن هولاند سيدعم الحكومة المقبلة المنتخبة في مصر ديمقراطيا لدعم موقف القاهرة التاريخي في المنطقة ولنساعدها على نزع آثار الديكتاتورية عن كاهلها والتي عانى منها المصريون طيلة عقود».
أما لدى اليمين، وكما يقول النائب البرلماني عن حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية»، إيلي عبود، فإن سياسة ساركوزي الخارجية «ستحافظ على التوازن نفسه الذي ميز الـ 5 سنوات الماضية». وأضاف لـ«المصري اليوم» أن «فرنسا دعمت الثورات العربية ودعمت مطالب الشعبين المصري والتونسي في الثورة على الاستبداد، كما استنفرت قوتها العسكرية للإطاحة بنظام معمر القذافي في ليبيا، وهي بذلك تحترم مكانتها التاريخية والدولية ولن تحيد عنها حال فوز ساركوزي».
وعن المسار الديمقراطي في مصر – والحديث لعبود - فإن ساركوزي أعرب مرارا عن استعداده للتعاون مع الحكومة المنتخبة ديمقراطيا من قبل الشعب المصري. وقال «ساركوزي أعلن أنه على أتم الاستعداد للعمل مع الديمقراطية المصرية المقبلة مهما كانت أيديولوجييتها ومرجعيتها».
وفي ما يتعلق بأوضاع العرب والمسلمين في فرنسا حال فوز ساركوزي أو هولاند، فإن المواقف تبدو متباينة، حيث أن برنامج اليميني ساركوزي سيواصل نفس سياسة التشدد تجاه العرب والمسلمين لمحاولة استمالة أصوات اليمين، بحسب ما أشار مراقبون لصحيفة «ليبيراسيون».
وتقول ماري أونج (37 عاما) وتعمل موظفة في بلدية باريس إنها تعتبر موقف اليمين من المهاجرين العرب والمسلمين «يسير من سيئ إلى أسوء». وقالت «أعتقد أنه في حال فوز ساركوزي سنشهد تصعيدا خطيرا إزاء هذه الجالية في المجتمع الفرنسي والتي تصل إلى نحو 6 مليون نسمة». واعتبرت أونج أن اليمين بصدد «الحياد عن مبادئ الجمهورية والدفاع عن حقوق الإنسان التي اكتسبناها مع الثورة الفرنسية».
مخاوف أونج أشار إليها آلان أموني، الذي أكد أن «ساركوزي اليوم وجد في العرب والمسلمين كبش الفداء لإلهاء الفرنسيين عن الحصيلة السيئة لفترة حكمه على مستوى الهجرة واندماج الأجانب والأقليات». وقال «في المقابل، هولاند يرغب في مشاركة فعالة للمهاجرين العرب والمسلمين في الحياة السياسية الفرنسية والانتخابات البرلمانية، لأنهم يعيشون في فرنسا مهد حقوق الإنسان، ونحن في حاجة إلى التمتع بمميزات هذين الجاليتين والتمتع بخصوصيات ثقافاتهم لإثراء ثقافتنا».
في المقابل، يرى مواطن بسيط مثل «أنطوان» وهو عامل في مؤسسة خدمات، إن ما سيفعله هولاند ربما يكون خطرا على فرنسا. ويقول: «لست مستعدا للعيش في بلد قد أصبح فيه غريبا، حيث المرأة لا يمكن لها أن ترتاد المسابح مع الرجال، أو حين يجتاح مئات المصلين الشوارع لإقامة الصلاة يوم الجمعة.. لا أعتقد أنني قد أحتمل يوما سماع صوت الآذان في المدن الفرنسية.. من لا يشعر بالراحة بيننا، عليه العودة إلى حيث أتى». وأكد «لقد صوتت لصالح اليمين المتطرف في الجولة الأولى وسأصوت لساركوزي لأنه أقدر من هولاند على حماية حدودنا من الزحف الأجنبي وتهديد ثقافتنا.. فرنسا اليوم في خطر».