ما هو الدورالذى يلعبه الإعلام ومؤسسات المجتمع المدنى والمال السياسى والدعاية فى صناعة الرئيس، وهل طريقة صناعة الرئيس فى الدول الكبرى التى تعتمد على النظام الرئاسى موجودة فى مصر.. يقول الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز: إن الإعلام لاعب أساسى فى صناعة «الرئيس» مستندا إلى التعريف الشهير للمفكر الأمريكى «بول كورجمان» أن المرشح الرئاسى الأمريكى «آل جور» كان أقرب إلى النجاح من منافسه «جورج دابليو بوش» فى الانتخابات التى تنافس فيها على منصب الرئيس لولا أن بعض الإعلاميين الكبار ووسائل الأعلام المهمة انحازت إلى «دابليو بوش» وأضاف: يتفق الكثير من الباحثين والمحللين السياسيين على أن وسائل الإعلام تلعب دورا رئيسيا فى بلورة اتجاهات الناخبين حيال المرشحين فى العملية السياسية التنافسية إلى حد أن مفكراً كبيراً مثل «جون اسبوزيتو» يقول «إن الذى يربح المعركة هو من يربح قضيته فى الإعلام».
وقال: إن الجمهور يبنى آراءه حيال المرشحين المتنافسين على المعرفة المباشرة والخبرة الملموسة أو الانتماء الأيديولوجى. لكن هؤلاء الذين لا يتأثرون بأى من هذه الوسائط يسلمون أنفسهم عادة إلى الانطباعات التى يتكون أغلبها من التعرض لوسائل الإعلام، مؤكدا أن الإعلام هو نصف معركة الرئاسة، ومن الممكن أن يمنع مرشحا ذا حظوظ عن الفوز، كما أنه من الممكن أن يعزز فرص مرشح آخر.
وعن وسائل الإعلام المختلفة التى يستغلها مرشح الرئاسة فى الدعاية، قال عبدالعزيز: «حينما ننظر إلى وسائل الإعلام التقليدية نجد هناك بعداً ثالثاً تم استخدامه فى الانتخابات البرلمانية، وهو إعلام المنابر حيث حشد حزب النور السلفى دعايته من خلال منابر المساجد خاصة فى أعماق الريف، ومن غير المستبعد أن يستغل بعض مرشحى الرئاسة خطب المنابر فى معركتهم الانتخابية وهو مايؤكد أن كل فصيل سياسى يعرف جيدا ما هو الميدان الذى يستطيع أن يربح منه».
وفيما يتعلق بأهمية المال السياسى للمرشح، قال عبدالعزيز: إن المال هو بمثابة «حليب الأم للرضيع» وأن من يوفر أموالا أكثر سوف يتحرك بشكل أفضل فى المعركة الانتخابية، وبالتالى ستزيد حظوظه. وأضاف: أنه من المؤسف وجود مرشحين جيدين ولكنهم فقراء وهذا سيجعلهم يتراجعون فى السباق بسبب عدم قدرتهم على الإنفاق.
وانتقد عبدالعزيز حجم الأموال التى ينفقها بعض المرشحين فى السباق الانتخابى قبل بدء موعد الدعاية وهو مايفوق الحد الأقصى بمراحل كان من المقرر إنفاقها مع بدء الموعد الرسمى للدعاية والذى قد يصل أضعاف المبلغ المحدد للدعاية. وأشار إلى خطورة أموال الدعاية غير المعلومة المصدر.
إلى أى مدى تشكل منظمات المجتمع المدنى دورا مهماً فى مراحل صناعة الرئيس.
قال ناصر أمين مدير المركز العربى لاستقلال القضاء: إن هناك فرقا كبيرا بين دول العالم الأول والعالم الثالث، وأن الأخير لم يخط خطوة حقيقية فى صناعة رئيسه. وهناك مؤسسات عريقة فى الولايات المتحدة مثل مؤسسة «مارك سلندر» متخصصة فى عمل الدعاية لمرشح الرئاسة وهى مؤسسات قادرة على صناعة رئيس من لا شىء، كما أنها تمتلك برامج وقدرات خاصة مهمتها إدارة الحملات الانتخابية ووضع برامج وأفكار يستعين بها المرشح وعقد المؤتمرات الصحفية وإمداد المرشح بالمعلومات المهمة.
وأضاف: «هذه المؤسسات تكتسب خبراتها على مدار سنوات، وهى عبارة عن شركات خاصة لديها مجموعة من الخبرات تتمثل فى الموارد البشرية فى مجالات عديدة مثل القانون والإدارة والأبحاث السياسية، والتواصل الاجتماعى وقد يصل الأمر إلى أن يقوم المتخصصون فى هذه المؤسسات بتحسين الأداء اللغوى والحوار من واقع دروس يتلقاها المرشح، هذا فضلا عن اختيار الزى المناسب لكل لقاء يقوم به المرشح، على أن يتم تحديد موازنة عامة لهذه المؤسسات بالاتفاق مع المرشح الذى يستعين بخبرتها».
وفيما يتعلق بتواصل المرشح مع منظمات المجتمع المدنى قال أمين: إن منظمات المجتمع المدنى هى أيقونة الديمقراطية فى العالم، كما أن لها دوراً حيوياً فى طرح العديد من القضايا المهمة فى مجالات عديدة يمكن للمرشح أن يستفيد منها. وأضاف: إن قوى المجتمع المدنى لا تسعى للسلطة وتقف موقف حياد من جميع المرشحين، ولذا فهى لا تؤيد مرشحاً ضد آخر، وكل مرشح يتشرف بالتقرب من منظمات المجتمع المدنى، مثل منظمات الإغاثة وإنقاذ الطفولة، والمنظمات الداعية لنبذ العنف والحروب.
إلى أى مدى يلعب المناخ الديمقراطى دوره فى صناعة الرئيس؟ أجابت عن هذا التساؤل الدكتورة ثريا عبدالجواد أستاذ علم الاجتماع السياسى: المجتمعات الديمقراطية لا تتحقق من خلال صراع قوى بين الإرادة السياسية وإرادة الجمهور، ولكن تخلق الديمقراطية من إرادة الجماهير عندما تصنع رئيسا لها على كافة المستويات السياسية، بدءا من انتخابات الحكم المحلى والبرلمان ووصولا إلى انتخاب الرئيس. وأضافت: إن صناعة الرئيس تأكيد لإرادة الشعوب فى ظل مجتمع له ثقافته القانونية والاجتماعية، إلى جانب منظومة الحريات العامة وبناء مؤسسات تدعم المناخ الديمقراطى.