«جو» ترك هندسة الكمبيوتر لجمع القمامة.. وشيخ الزبالين مثله الأعلى

كتب: منير أديب الثلاثاء 24-04-2012 16:03

المسار الطبيعي المنتظر كان أن يتخرج محمد فكري من كليته التي حصل منها على بكالريوس علوم الكمبيوتر، ثم أن يقوده منصب والده مدير عام حماية البيئة ومستشار الدولة للرقابة على الحماية البيئية بموانئ بورسعيد، إلى وظيفة مرموقة بوزارة الدولة للبيئة أو في إدارة موانئ بورسعيد، لكن محمد فكري اختار لنفسه مسارًا آخر بامتهانه «جمع القمامة».

مهندس الكمبيوتر الشاب الذي استغرق سبعة أعوام في الدراسة الجامعية أدرك أهمية مهنة جمع القمامة بعد تجارب عمل يجدها «فاشلة»، فتوجه بعد أشهر قليلة من تخرجه إلى شيخ الزبالين بمحافظة بورسعيد، وطلب منه أن يمنحه عملاً.

يروى محمد فكري أو «جو» كما يحلو له أن يناديه أصدقائه، أنه تخصص في دراسة الكمبيوتر، وتوجه فور تخرجه للعمل بأحد مصانع الكيماويات المملوكة للحكومة المصرية، لكن الشركة المالكة للمصنع جرت خصخصتها وبيعت لأحد رجال الأعمال الهنود، وكان أول إجراء للملاك الجدد: « تصفية 75 بالمئة من عمال الشركة وموظفيها».

لم يكن «جو» ضمن من تمت إقالتهم، بل جرى نقله لإدارة المشتريات فلما عرضت عليه الرشوة، وجد أنه «لن يمكنه احتمال هذا المناخ». فقرر جو أن يهجر عالم المكاتب المريحة، وتوجه إلى مرفق القمامة التابع لشيخ يدعي «الريس طلعت حامد».

يقول «جو»: «في مرفق الشيخ طلعت تعلمت ما لم أتعلمه خلال دراستي الجامعية»، ففي سبعة اشهر فقط انتظمت فيها في العمل بمرفق القمامة الخاص بموانئ بورسعيد تعلم «جو» قاعدة اقتصادية بسيطة غير مبنية على أية أيدولوجيات أو تنظيرات، القاعدة التي علمه إياها الريس طلعت كان مفادها: «إن أردت أن تكسب كثيرًا فدع من يعملون معك يكسبون كثيرًا».

العمل مع «الريس طلعت» كفل لمحمد فكري دخلاً مرتفعًا. جعله يتأكد من صواب وجهة نظره المتعلقة بالعمل في القمامة، والتي يصفها بقوله: « البعض يرى أن العمل بالقمامة مهنة حقيرة، لكن من يحتقرون تلك المهنة يتناسون تماما أهميتها في حياتهم».

استمر عمل «جو» في فرز القمامة في ميناء بورسعيد البحري لخمسة سنوات، ينفي أن يكون تعرض خلالها لمضايقات من عائلاته بسبب المهنة التي اختار العمل بها.

ويصف القمامة بأنها «ذهب ملون، ولكن أكثر الناس لا يعلمون» ويبدي دهششته من عدم وعي كثير من شرائح المجتمع بأهمية عمليات جوع القمامة وفرزها وإعادة تدويرها في تحقيق مكاسب اقتصادية وبيئية هائلة. بالإضافة للدور الذي تلعبه مهنة جمعع القمامة في حفظ البيئة و الاسهام في طبيعة البيئة الصحية للمجتمع على المدى القريب والبعيد.

يصف «جو» شهاداته الجامعية بأنها «بكابوريوس لا فائدة منه» في إشارة لمرامي الصرف الصحي، أما «البكالريوس» الحقيقي في نظره فهو ما يسميه بـ«شهادة الحياة»، والذي حصل عليه عقب تخرجه في الجامعة والتحاقه بمهن ماتعددة آخرها جمع وفرز القمامة، أما الماجستير فحصل عليه محمد فكري من الثورة التي تعلم منها الكثير.